[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $
  من نحو تلك الأفاعيل الفظيعة، وقُتل جماعة بين يديه صبراً من الأفاضل والزهاد والعباد، ثم طلب ليزيد البيعة، إلى آخر ما ذكره.
  قال المنصور بالله عبد الله بن حمزة @ فيما رواه عنه صاحب المنشورات: إن أول من أتى مسلم بن عقبة فقال: أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه، قال: اضربوا عنقه، قال الآخر: وعلى سنة أبي بكر، قال: اضربوا عنقه، قال الآخر: وسنة عمر، قال: اضربوا عنقه، قال آخر: وسنة عثمان، قال: اضربوا عنقه، قالوا: فعلام نبايعك؟ قال: على أنكم عبيد خول ليزيد بن معاوية، فبايعوا على ذلك، ومن أبى عرضه مسلم على السيف غير علي بن الحسين زين العابدين @، وعلي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، أما علي بن الحسين فأتي به إلى مسلم بن عقبة وهو مغتاظ عليه يتبرأ منه ومن آبائه، فلما رآه ارتعد وقام له وأقعده إلى جنبه، وقال له: سلني حوائجك، فلم يسأله فيمن قدم إلى القتل إلا وشفعه فيه حتى انصرف، فقيل لمسلم بن عقبة: رأيناك تسب هذا الغلام وسلفه فلما أُتي به رفعت منزلته! فقال: ما كان ذلك الرأي مني، لقد مُلِيء قلبي منه رعباً، قال صاحب المنشورات: وما ذاك إلا صرفة من الله لسر علمه، فإن نسل الحسين # كان في صلبه حينئذ، ولم يكن للحسين # عقب إلا من علي بن الحسين السجاد @. وأما علي بن عبد الله بن العباس فإن أخواله بني كندة منعوه منه، وقد روي من الأفاعيل الفظيعة والأقوال الشنيعة في هذه الوقعة المسماة: وقعة يوم الحرة ما لا حاجة إلى ذكره في هذا المقام، وإلى الله التحاكم فيها يوم الخصام، وسميت بوقعة يوم الحرة لأنه وقع القتل الشديد فيها. وقد روى ابن قتيبة أحاديث في فضل قتلى يوم الحرة، وكانت في ذي الحجة لثلاث بقين منها سنة ثلاث وستين من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وعلى آله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم من الآثام، وفيها جملة من المساوئ والمثالب والمآثم على يزيد الآمر بذلك، وعلى أبيه المؤسس لكل ما وقع