[العالم محدث]
  والحيوانات، وإما أن يكون واقعاً حدوثها شيئاً بعد شيء فلا يخلو ما تأخر حدوثه من تلك العلة أو العلل: إما أن تكون في ذاتها (مماثلة لما تقدم) منها (أو مخالفة) له (إن كانت مماثلة) لما تقدم منها (وجب وجود مَعْلُولِها) وهو العالَم بما فيه من جميع أصناف(١) العالم (متماثلاً) ولا يصح اختلافه في شيء أصلاً؛ لأن شأن المثلين المؤثرين على سبيل الإيجاب ألَّا يختلف أثرهما لما كان مثلين، كالنارين والحجرين كل منهما يؤثر الإحراق لا غيره، والكسر للزجاج لا غيره، وكذلك جميع المقتضيات عن المتماثلات كالتحيز وجواز التجزؤ والانقسام في جميع الأجسام، فلو قيل: إن المؤثر في العالم وجميع ما فيه من الاختلاف هو علة أو علل متماثلة لزم عدم اختلافه، (وفي علمنا باختلاف ذلك العالم دَلاَلَةٌ على بطلان القول بأنه) حاصل (عن علة) مماثلة لما تقدم منها (أو عن علل متماثلة) فيما بينها، أي: فيما بين المتقدمات والمتأخرات والحاصلات دفعة، فكان يلزم ألَّا يوجد اختلاف بين اثنين رأساً، فلا يتميز بعض الأشياء عن بعض، ولا يختص بعضها بجهة دون جهة، ولا بزمن دون زمن، ولا الكبير منها بأن يكون كبيراً أو أكبر، ولا الصغير منها(٢) بأن يكون صغيراً أو أصغر بأولى من العكس، ولا الأبيض أبيض ولا الأسود أسود بأولى من العكس، وكذلك جميع الصفات الجائزة على الأجسام والأعراض، كالحياة والموت، والذكورة والأنوثة، والحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة، والزيادة والنقصان، والعدم والبطلان. هذا إذا قيل: إن العالم حاصل عن علة أو علل متماثلة.
  (و) إن قيل: إن حصوله واختلافه لعلة أو لعلل مختلفة، فكذلك (لا يصح أن يكون) ذلك (لعلة مخالفة) لِمَا تقدم منها (ولا لعلل مخالفة) بعضها لبعض
(١) «الأصناف» نخ. أي: أنواعه.
(٢) ساقط في نسخة.