الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

شروط الإمامة:

صفحة 273 - الجزء 2

  وقد خالف بعض الأشعرية في حق الصبي والمرأة، فقالوا: إن ثبتت لهم الإمامة بالعقد والاختيار فلا تصح، ولا يصح العقد والاختيار إلا للذكر البالغ العاقل، وإن ثبتت لهما بالقهر والغلبة صحت إمامتهما. وهذا قول لا يلتفت إليه ولا يعول عليه؛ لأن الإجماع منعقد على أنه لا يصح من الصبي التصرف في مال نفسه، فكيف يصح منه التصرف في أموال المسلمين ودمائهم؟ ولأن المرأة لا يصح توليتها إنكاح نفسها، فكيف يجعل إليها ولاية نكاح كل من لا ولي لها من جميع نساء المسلمين، ولقوله ÷: «لا⁣(⁣١) أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» الخبر؟

  وأما قوله #: والقوة على تدبير الأمور، فيدخل تحته:

  الشرط التاسع: وهو أن يكون الإمام حراً، فلا تصح إمامة العبد؛ لأنه مشغول بما هو في حقه فرض عين، وهو خدمة سيده، فلا يقدر على تدبير الأمة وسياسة الرعية مع ذلك، على أن إجماع الأمة منعقد على ذلك؛ فلا يصح تقدير ما لو أسقط عنه سيده الخدمة، وقد حكى الإجماع على ذلك في الانتصار وغيره، ولعله محمول على إجماع المتقدمين؛ لما ذكره في الغيث من قوله: وذهب الجويني والأصم إلى جواز إمامة العبد؛ لما روي عنه ÷: «أطيعوا السلطان ولو عبداً حبشياً» قال #: قلنا: الإمامة من المسائل القطعية فلا يؤخذ فيها بخبر الآحاد.

  قلت: إن صح الخبر فيمكن حمله على ما إذا عتق وكان فاطمياً ولو كان مولده أو منشأه بالحبشة، أو أن المراد أمير السرية، إلا أن التأويل بما ذكرناه أولى؛ لعمومه، ولأن أمير السرية ليس بسلطان حقيقة، بل متولٍ من طرفه، والله أعلم.

[الشرط العاشر: أن يكون سليم الحواس]:

  الشرط العاشر: أن يكون سليم الحواس، فلا يكون أعمى ولا أصم ولا به


(١) لفظ الحديث: لن يفلح الخ في مصادر كثيرة.