[فصل:] في الكلام في أن الإمامة محصورة في أهل البيت $
  لو كانت الأمور(١) شرعية فقط لما اتفق عليها إلا أهل الشرع، والمعلوم أن جميع الملل الموحدة والملحدة لا يخلون نفوسهم من رئيس يقوم بدفع الضرر والذب عنهم، وجلب المنافع والمصالح لهم، ولو كانت أيضاً شرعية فقط لصح عليها طرو النسخ؛ إذ ذلك شأن الشرعيات، والمعلوم أنه لم تزل الخلفاء تعقب الأنبياء والأوصياء منذ أولهم أبي البشر # إلى خاتمهم ÷ بلا تناكر، ولم يأت نبي بنسخها، ولو كانت لأمور عقلية فقط لما علقها الشارع وأناطها بالأئمة فقط، بل كان سيسكت عنها ليجوز فعلها لمن قام بها ولو من سائر أفناء الناس الذين ليسوا بأئمة، ولكان سبيلها سبيل الفصد والحجامة والتجارة والزراعة ونحو ذلك مما ليس فيه إلا دفع الضرر أو جلب النفع.
  فعلمنا بهذا أنها أي: الإمامة آخذة بشطر وشق من العقليات؛ لذلك وجبت عقلاً، وبشطر وشق من الشرعيات؛ لذلك لا تجوز لغير من أذن له الشارع في القيام بها، لا لقبحها بل لعدم الإذن له بها، وفعل ما لم يكن مأذوناً فيه يكون إثماً وعصياناً؛ دليله أن من تولى على مال الأوقاف وأموال اليتامى مع وجود الواقف أو نائبه أو ولي مال اليتيم فإنه غاصب وظالم وآثم ما لم يكن عن إذنهما، فتقررت صحة هذا الدليل، والله الهادي إلى واضح السبيل.
  والدليل الثاني: ما ذكره # بقوله: (ولأن العترة $ أجمعت أنها) أي: الإمامة (لا تجوز في غيرهم، وإجماعهم) $ (حجة) قطعية كما مر تقريره، وهذا الدليل مبني على أصلين:
  أحدهما: أنهم أجمعوا على أن الإمامة لا تجوز في غيرهم.
  والثاني: أن إجماعهم حجة قطعية واجبة الاتباع.
(١) «لأمور» ظ.