الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[العالم محدث]

صفحة 90 - الجزء 1

  (لأنها حينئذ) أي: حين حصولها مختلفة (تكون قد شاركت العالم في الاختلاف الذي لأجله احتاج إليها) لأن العالَم إنما احتاج إلى هذه العلل عند القائلين بها لأجل اختلافه، فإذا كانت هذه العلل مختلفة في نفسها فلا شك أن تحتاج هي إلى مخالف: فإما نفسُها وهو محال؛ لِمَا تقدم، وإما غيرُها: فإما عللٌ متماثلة لزم تماثل العالم فيما بينه، وهو معلوم البطلان، وإما متخالفةٌ احتاجت إلى علل أُخر (فيدور الكلام) أو يتسلسل (إلى ما لا يعقل ولا يَنْحَصِر من العِلَل) أما لزوم الدور فحيث يقال: المؤثر في العلل المذكورة في المرتبة الثانية فما بعدها هي العلل المذكورة في المرتبة الأولى والعكس، وأما لزوم التسلسل فحيث يقال: المؤثر في العلل المذكورة في المرتبة الثانية هي العلل المذكورة في المرتبة الثالثة، والعلل المذكورة في المرتبة الثالثة هي علل في مرتبة رابعة ثم خامسة ثم كذلك إلى ما لا نهاية له، فيتوقف وجود العالم على وجود ما لا يعقل أو على وجود ما لا نهاية له في جانب الدور أو جانب التسلسل. وإنما لم يذكر المؤلف # التسلسل صراحة لدخوله ضمناً في قوله: «ولا ينحصر من العلل»، فإذا كان يلزم توقف وجود العالم على وجود ما لا يعقل ولا ينحصر من العلل لزم الحكم بعدم وجوده حتى يوجد ما تعلق وجوده عليه وتوقف على وجوده، وهو العلل الموصوفة بالوصف المذكور من الدور أو التسلسل، ووجودها على ذلك الوصف مستحيل، وما توقف وجوده على المستحيل استحال وجوده؛ فصار وجود العالم على هذه الكيفية مستحيلًا، وقد علمنا وجوده؛ فيلزم أن وجوده كان لا على هذه الكيفية، فإما أن يخرج عن هذه الكيفية إلى كيفية مثلها في كونها مستحيلة بأن يقال: يقطع لزوم الدور أو التسلسل بفرض أنه - أي: العالم وما