[دليل الدعاوي على حدوث العالم]
  فيستغني عنها لقدمه؛ لأن القديم لا يحتاج إلى مؤثر، وإن كانت محدثة فلا يخلو: إما أن تكون مماثلة أو مخالفة، الأول يلزم أن يكون معلولُها مماثلاً، وفي علمنا باختلافه بطلانه، والثاني يلزم أنها قد شاركت العالم في العلة إلى احتياج مخالف سببها فيتسلسل، وإن كان لفاعل مختار فهو الذي نقول. انتهى.
  وقال المنصور بالله عبد الله بن حمزة # في معنى هذا ما لفظه: وإن قالوا: إن العلل مختلفة قلنا: لم اختلفت؟ ألعلل أخرى؟ أدى إلى ما لا يتناهى من العلل، أم لفاعل؟ فيجب الاقتصار هنا. قال: فإن قيل: لم خالف بينها(١). قلنا: لما يعلم من المصلحة، وهو بمصالح عباده أعلم. انتهى كلامه #.
[دليل الدعاوي على حدوث العالم]:
  واعلم أن كثيراً من أصحابنا يعتمدون في الاستدلال على حدوث العالم على دليل الدعاوي، وهو مبني على أربع دعاوٍ، متى ثبتت كل واحدة منها بالبرهان اليقيني أو العلم الضروري نتج من الجميع العلم بحدوث العَالَم، والكلام فيها مبسوط في المطولات، كغايات الأفكار للإمام المهدي #، ومنهاج القرشي من الزيدية ¦، وغيرهما من البسائط، ولكن لعظم فائدته وخشية التطويل نذكره على سبيل الاختصار. وبعض المؤلفين يعبر عن تلك الدعاوي بأصول فيقول: الأصل الأول، الأصل الثاني، وبعضهم بلفظ الدعاوي فيقول: الدعوى الأولى، الدعوى الثانية. والكل مستقيم؛ لأن الكلام في المسألة من حيث إنه خبر عن معتقد المؤلف ومن هو على معتقده دعوى حتى يقام برهانها، ثم إذا أقيم برهانها صارت أصلاً إذا كان يتوصل بذلك القول إلى العلم بالمسألة المطلوبة بالأصالة.
(١) أي: بين أصناف العالم.