الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام في أن الإمامة محصورة في أهل البيت $

صفحة 314 - الجزء 2

  يشمل النسخ بالقول والفعل والتقرير. وقوله: «لزم لذاته» خرجت الأحكام المبتدأة بالتشريع، فلا يقال فيها ناسخ. وقوله: «مثله» أي: في كونه شرعياً، فلا دخل للنسخ في الأحكام العقلية. وقوله: «مع تراخ الخ» يخرج البداء والعبث لو نسخ الفعل قبل مضي وقت يمكن فيه العمل؛ لكونه تعالى متعال عنهما؛ للزوم الأول القدح في التوحيد، والثاني القدح في العدل والحكمة.

  والمنسوخ: هو الحكم الشرعي المرفوع بمثله مع تراخ الخ ما ذكر في حد الناسخ. فخرج بالشرعي العقلي، فلا ينسخ ولا ينسخ به. وقوله: «بمثله مع تراخ» يخرج رفع الحكم بالغاية، نحو: {وَلا تَعزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ}⁣[البقرة ٢٣٥]، {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}⁣[البقرة ١٨٧]. ويخرج بآخر الحد لزوم البداء والعبث، فلابد أن يكون عارفاً بأحكام النسخ، وما الذي لا يصح أن ينسخ، وما الذي يصح أن ينسخ به، وما لا يصح النسخ به، على حسب ما هو مفصل في موضعه.

  ولابد أيضاً أن يكون (عارفاً بمواضع الوفاق) فيعرف المسائل التي وقع عليها الإجماع ممن سبق من العلماء رحمهم الله تعالى (وطرف من مواضع الخلاف في) مسائل (فروع الفقه) من العبادات والمعاملات؛ (لئلا يجتهد في مواضع الإجماع) فيعرف حكم المسألة المتعلقة بالحادثة هل هي إجماعية فالإجماع حجة فيها، وأكبر دليل على ثبوت حكمها، فلا يجوز له الاجتهاد فيها بخلاف ما وقع عليه الإجماع فيها، بل قد قيل: يفسق مخالف الإجماع مع العلم به. وإنما قال: «عارفاً بمواضع الوفاق، وطرف من الخلاف» لأن مسائل الإجماع يسيرة يمكن الوقوف عليها، وقد ذكرت مجموعة في حواشي مقدمة الأزهار، بخلاف مسائل الخلاف فلا حصر لها، فاشتراط معرفة جميعها لا يتأتى، فإذا حدثت حادثة نظر هل ثمة إجماع على حكمها كفاه ذلك عن البحث والنظر على حكمها من الكتاب والسنة والقياس والاجتهاد، أم لم ينقل فيها إجماع بحث