[فصل:] في الكلام في أن الإمامة محصورة في أهل البيت $
  عن دليلها، فيطلب النصوص عليها أو الظواهر من الكتاب أو السنة، فإن لم يجد نظر في نظائرها مما قد نص عليه فيهما أو في أحدهما أو دلت عليه دلالة ظاهرة كذلك، فيستنبط العلة التي لأجلها ثبت الحكم ويستخرجها من الأصل المنصوص عليه، وينظر وجودها في الفرع الذي يريد معرفة حكمه: هل هي موجودة فيه على الحد الذي وجدت عليه في الأصل (فيتحرى في معرفة القياس) حتى يعلم أو يظن عدم الفارق بينهما، فالعلم حيث العلة منصوص عليها في الأصل، ووجدت في الفرع قطعاً، كما إذا قال الشارع: حرمت الخمر لإسكاره، ثم علمنا وجود الإسكار في النبيذ والحشيشة والبنج. والظن حيث العلة مستنبطة، كتحريم بيع الجنس بجنسه متفاضلاً في الكيل والوزن، فإنه بطريق السبر والتقسيم يحصل الظن أن لا علة للتحريم إلا الاتحاد في الجنس والتقدير، دون الطعم والاقتيات، ودون الاتحاد في الجنس وحده أو التقدير وحده؛ لاطراد وجود الحكم عند اجتماع الاتحاد في الجنس والتقدير، وانخرامه عند وجود أحدهما أو غيرهما مما ذكر.
  (و) كذلك يتحرى في معرفة حكم المسألة المأخوذ فيها من دون نص ولا قياس، وإنما أخذ من (الاجتهاد) والاستنباط لذلك الحكم من وجود وصف مناسب للحكم، كما في استنباط داود وسليمان @: {إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ}[الأنبياء ٧٨]، فإن داود # اجتهد أن تؤخذ الغنم بما أكلت وأذهبت من ذلك الزرع، وسليمان # اجتهد أن يؤخذ من أصوافها وألبانها بما أكلت وأذهبت، فقرر الله حكم سليمان #؛ كونه أنسب بالعلة، وهو عدم الإضرار بجانبي صاحب الغنم وصاحب الحرث، بخلاف حكم داود # ففيه مراعاة جانب صاحب الحرث دون جانب صاحب الغنم، فلم يكن فيه من المناسبة كما كان في حكم سليمان، وهذا أحد الأدلة للقائلين بأن الحق في الفرعيات مع واحد والمخالف مخطٍ معذور، ثم قال تعالى: {وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}[الأنبياء ٧٩] دفعاً