الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المخوف

صفحة 337 - الجزء 2

  أعظم مما أمر به، أو إلى منكر أنكر مما نهى عنه، فإن علم أو ظن ذلك فمع عدم ظن التأثير لزوال المنكر الأول أو لحصول المعروف الذي سيأمر به لا يجب الأمر ولا النهي إجماعاً؛ لأنه يصير كالإغراء بفعل المنكر أو تضييع المعروف الآخر، وجب⁣(⁣١) عليه الأمر والنهي فيهما ما استطاع، هذا قول القاسم # في الأساس، وهو الصحيح، وقال غيره: إنه إذا ظن حصول ما هو أنكر أو ضياع ما هو معروف أعظم سقط عنه وجوب ذلك، من غير فرق بين ظن تأثير وعدمه.

  الخامس: أن لا يكون الفاعل مقرراً على الفعل، كالخمر في حق الذمي، وكالمختلف فيه على من هو مذهبه، هذا الشرط الخامس عند بعض العلماء، ولا بد منه. وبعضهم لم يذكره، ويجعل الشرط الخامس: أن يعلم أو يظن أنه إن لم يأمر بالمعروف فات وضاع، وإن لم ينه عن المنكر وقع، أما إذا ظن أن المعروف سيقع من حيث إن الغير سيأمر به، أو أن المنكر لا يقع من حيث إن الغير سينهى عنه فلا يجب عليه الأمر والنهي حينئذ. وهذا ليس بشيء؛ لأنه في الحقيقة إن قد قام به الغير فقد سقط الوجوب، وإن لم يكن قد قام به الغير فالوجوب باق عليه على سبيل الكفاية، فلم تتحقق ثمرة لهذا الاشتراط، والله أعلم.

  واعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتب يجب أن يكونان عليها، فتجب معرفتها، وإلا أدى إلى أن يأمر بالمعروف على صفة يقبح الأمر معها، وينهى عن المنكر على صفة يقبح النهي معها:

  المرتبة الأولى: أن يبدأ بالقول الرفق والكلام اللين؛ لأن العدول عنه مع كونه كافياً إلى ما فوقه من الإغلاظ والشدة عبث وظلم؛ لأنه ضرر لا حاجة إليه، وقد أشار الله تعالى إلى هذا المعنى بقوله: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}⁣[طه ٤٤]، وسواء ظن أو علم أن القول اللين والرفق يحصل عندهما التأثير أو


(١) كأن هنا نقصاً.