[العالم محدث]
  خلو الجسم عنه فذلك لا يستلزم حدوث الجسم؛ لأن كل عرض قائم به فهو مسبوق قبله بعرض، ثُمَّ كذلك إلى ما لا أول له، فجملة الأعراض قديمة وآحادها محدثة، وحيث إن جملة الأعراض قديمة لم يستلزم حدوث الجسم؛ لأن جُملة مُلازِمهِ قديمٌ.
  والجواب عليهم في ذلك أن نقول: إن هذا مغالطة بخلط الأحكام المتعلقة بالآحاد بالأحكام المتعلقة بالجملة، وذلك لا يصح؛ لأن الأحكام بالنسبة إلى الآحاد والجملة على ثلاثة أضرب:
  ضرب لا يفترق الحكم فيه بين الآحاد والجملة، كالأحكام المتعلقةِ بنفس الذوات من حيث ذواتها المطلقة، كالجسمية في الأجسام وكالهيئة في الأعراض، وكالمقتضاة عنها، كجواز التجزؤ والانقسام والألوان والأكوان والتحيز، ومن ذلك الحدوث والقدم لو فرض قُدماء مع الله تعالى.
  وضرب لا يتعلق بها من حيث ذواتها المطلقة، بل مع النظر إلى اجتماعها مع مثلها أو انفرادها عنه، فيصير الاجتماع أو الانفراد حينئذ شرطاً في حصول الحكم، وهذان ضربان: ضرب يشترط فيه الاجتماع، كالحبل الغليظ يصير له من القوة المقتضية لعدم الانقطاع ما لا يصير لكل واحد من أفراد خيوطه، وكذلك الأخبار المتكاثرة البالغة حد التواتر، وعصمة الأمة، ونحو ذلك.
  وضرب: يشترط فيه الانفراد، كتنجيس الماء القليل بوقوع النجاسة فيه وإن لم تغيره، فإن هذا الحكم لا يثبت للآحاد إلا بشرط الانفراد، فلو اجتمعت وصارت كثيرةً زال ذلك الحكم عنها. وكالضعف في الخيط الواحد من مثال الحبل المذكور.
  والمسألة التي نحن بصددها هي من الضرب الأول الذي يثبت فيه الحكم للآحاد وللجملة على سواء، فإذا كانت الآحاد محدثة فالجملة محدثة. قال الإمام المهدي #: كعبيد الزنج، فإنه حيث ثبت السواد لكل فرد من دون شرط ثبت