الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[مصير المؤمنين إلى الجنة وخلودهم فيها أبدا]

صفحة 353 - الجزء 2

[فصل:]

  قال #: (فصل: فإن قيل) لك أيها الطالب الرشاد: (فما تدين به في الوعد والوعيد؟) وقد عرفت حقيقتهما بما مر، غير أنه لم يتقدم لهما ذكر من المؤلف، فاللام فيهما للعهد الذهني، أي: المعلوم عند المخاطب ذهناً. وقد ذكر في هذا الفصل مسألتين من مسائلهما. وأصل الوعد والوعيد إنما يتناولان أربع مسائل من المسائل التي جرت عادة المتكلمين بذكرها في باب الوعد والوعيد، وهي: مسألة مصير المؤمنين إلى الجنة، ومسألة مصير الكفار إلى النار، ومسألة مصير الفساق إلى النار، ومسألة الشفاعة، وما عدا هذه الأربع إنما ذكرت في هذا الباب لما لها به من التعلق، لكونها أنسب بالذكر فيه من غيره من الأبواب التي مر ذكرها، وبعض المؤلفين يفرد لها أبواباً على حدتها، والكل مناسب. وأما مسألة فناء العالم ومسألة إعادته فإنما ذكرا في هذا الباب لترتب الوعد والوعيد وقوعاً عليهما، دون العلم بثبوتهما فمترتب على الاستحقاق العقلي، دون العلم بوقوعهما فمترتب عليه وعلى ثبوت النبوة التي هي أصل لكل ما يذكر بعدها في هذا الفن.

[مصير المؤمنين إلى الجنة وخلودهم فيها أبداً]:

  المسألة الأولى أشار إليها # بقوله: (فقل: أدين الله تعالى بأنه لا بد من الثواب للمؤمنين) وهم كل من أتى بالواجبات واجتنب المقبَّحَات عند أئمتنا $ وجمهور المعتزلة، حسبما سيأتي لهم من أن الإيمان: هو الإتيان بالواجبات واجتناب المقبحات، وهو الصحيح من أقوال عشرة في حده كما سيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى. ويدخل في المؤمن المَلَكُ والنبي وجميع الأولياء والشهداء؛ لأنه اسم أعم⁣(⁣١)؛ إذ يتناول كل من أتى بالواجبات واجتنب المقبحات مَلَكاً كان أو نبياً أو غيرهما. ولا بد من تسامح في قولهم: «واجتنب المقبحات» بأن المراد كبائر الإثم


(١) في مختصر الكاشف الأمين: لأنه اسم عام.