الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[الإيمان بصحة ما وعد الله به من أوصاف الجنة]

صفحة 354 - الجزء 2

  والفواحش؛ إذ لا يخلو البشر عن الصغائر. وإنما يكون الثواب للمؤمنين (إذا ماتوا مستقيمين) على الإيمان؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلَائِكَةُ} الآية [فصلت ٣٠]، وهذا الشرط إنما تظهر له ثمرة فيما عدا الملَك والنبي والمعصوم، أو باعتبار التقدير كقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}⁣[الزمر ٦٥]، وكقوله تعالى في الملائكة: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}⁣[الأنبياء ٢٩]؛ لأن المعلوم أن الملَك والنبي والمعصوم مستقيمون على الإيمان جميع مدة حياتهم إلى مماتهم، ولا مدخل للاشتراط إلا فيما يمكن تغيره وتنقله دون ما عداه فلا دخل للاشتراط إلا على سبيل الفرض والتقدير؛ ليُعلم حكم الحال في ذلك لو كان خلاف الواقع. وقوله: (ودخولهم جنات النعيم) يحتمل أن العطف لتفسير الثواب فيكون من عطف المترادف، ويحتمل أنه من عطف الخاص على العام، وهو أنه إذا نالهم شيء من الثواب قبل دخولهم الجنة كالشرب من الحوض ونحو ذلك مما ينالهم من الكساء والحباء في عرصة المحشر، وركوب النجائب إلى جنة الكوثر. ({لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ}) أي: تعب ({وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ}⁣[الحجر ١٥] {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}) وهذه المسألة لا يُعلم فيها خلاف بين أهل الإسلام، وهي معلومة من الدين ضرورة.

[الإيمان بصحة ما وعد الله به من أوصاف الجنة]:

  وقل أيها الطالب الرشاد: (وأدين الله بصحة ما وعد به) أي: أخبر به (من) أوصاف الجنة في كتابه الكريم، وعلى لسان رسوله الصادق الأمين ÷ من (سِعَة الجنة) قال الله تعالى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}⁣[آل عمران ١٣٣]، (وطِيْب مساكنها) في قوله تعالى: {جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً}⁣[التوبة ٧٢]، (وحياتها) معطوف على مساكنها، أي: وطيب مساكنها وطيب حياتها، والمساكن: جمع مسكن،