[ذكر بعض استدلالات المجبرة على إثبات الصانع، وذكر ما فيه]
  غير منهي فلا مانع أن يَكْذِبَ أو يُرسل من يجوز منه الكذب، فلا يعلم صدق الخبر حينئذ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. وهذه من أعظم فواقر الجبر، فَبُعداً لمذهب يلزم منه عدم تصديق الباري تعالى وكتبه ورسله، فالدليل الذي ذكره الإمام # جَيِّدٌ بعد تقرير أدلة العدل الآتية في بابها: من أنه تعالى لا يفعل القبيح لِغناه عنه وعلمه بقبحه وعلمه باستغنائه عنه، كما سنقرر أدلة كل واحد من هذه الأصول في بابها إن شاء الله تعالى.
[ذكر بعض استدلالات المجبرة على إثبات الصانع، وذكر ما فيه]:
  ومن أقبح استدلال المجبرة قاتلهم الله تعالى على إثبات الصانع إدراجهم الإيمان والكفر في الأعراض الدالة على الله تعالى كما قال شارح جوهرة التوحيد، فاسمع إلى كلامه في ذلك الشرح ما أسمجه، وتنافره وعدم بيانه لوجوه التعلق المقتضية للدلالة والرابطة بين الدليل والمدلول، وإنما هي مجرد سرد الأشياء وعدها على وجه التخليط بين الأجسام والأعراض والأفعال، وهذا لفظه: فتستدل بها - أي: أحوال نفسك - على وجوب وجود صانعك وصفاته، فإنها مشتملة على سمع وبصر وكلام، وطول وعرض وعمق، ورضا وغضب، وبياض وحمرة وسواد، وعلم وجهل، وإيمان وكفر، ولذة وألم، وغير ذلك مما لا يحصى، وكلها متغيرة وخارجة من العدم إلى الوجود ومن الوجود إلى العدم، وذلك دليل الحدوث والافتقار إلى صانع حكيم، واجب الوجود، عام العلم، تام القدرة والإرادة، فتكون حادثة وهي قائمة بالذات لازمة لها، وملازم الحادث حادث أيضاً. انتهى بلفظه.
  ولنوضح ما فيه من الخلل وإن كان فيه ما هو صحيح كما سنشير إليه فنقول: أما السمع والبصر فهما عرضان من الأعراض التي لا يقدر على إيجادها إلا الله تعالى، أحدهما محله الصماخ تدرك به الأصوات، والآخر محله الحدق تدرك به الأشخاص والصور والهيئات، ودلالتهما على الله تعالى ظاهرة؛ من حيث إنه لا