الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام على أهل الكبائر من هذه الأمة

صفحة 378 - الجزء 2

  ولعظم البلوى بهذه المسألة ينبغي تحقيق القول فيها في جميع الأطراف المتعلقة بها من مقالات الفريقين، ليعلم المطلع أي الفريقين أحق بالأمن، وأي الأقوال هو أقرب إلى جانب الوفاق من الأصول المتفق عليها، وأنه هو المؤيد لها والذي يعود عليها بالتقوية والتأييد، وأيها هو الأبعد عن الوفاق لتلك الأصول، وأنه هو المناقض لها والذي يعود عليها بالتشكيك والتفسيد، فما كان موافقاً ومؤيداً وسليماً عن مناقضة الأصول المتفق عليها علم أنه الحق، وماذا بعد الحق إلا الضلال، وما كان لا يوافق تلك الأصول بل يناقضها أو يفضي إلى التشكيك فيها علم أنه الباطل الحري بأن يزهق ويزال، وهذه قضية ضرورية عقلية وشرعية ليس لمخالف ولا لموالف أن يحيد عنها قيدَ شبر إلا من اتبع هواه واستحوذ عليه الشيطان وأطغاه، وحينئذ فلنجعل الكلام في هذه الجملة يشتمل على مطالب:

  المطلب الأول: في ذكر بعض الأصول المتفق عليها بين الفريقين ولم يقع فيها خلاف بين اثنين:

  الأصل الأول: أن كلام الله تعالى وكلام رسوله ÷ مصون عن الكذب والشك فيه والتناقض.

  الأصل الثاني: أن الله تعالى لا يفعل العبث ولا غيره من سائر القبائح.

  الأصل الثالث: أن الإغراء بالمعاصي من جملة القبائح.

  وهذه الثلاثة الأصول ترجع إلى أصول الدين، وهي معلومة من الدين ضرورة.

  الأصل الرابع: أن القطعي المعلوم مقدم على الظني والموهوم.

  الأصل الخامس: أن العام دلالته على كل من مفرداته من دلالة المنطوق الصريح وإن دارت بين قطعي وظني متناً أو دلالة.

  الأصل السادس: أن كلام الله تعالى وكلام رسوله ÷ كله حجة يجب العمل به، ولا يجوز اتباع بعضه وإلغاء البعض الآخر وعدم الالتفات إليه.