سورة الرعد
  {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} فأخبروني إذاً هل يستوي الأعمى والبصير؟ وهل يعدل العاقل إلى تفضيل الأعمى على البصير، وإلى اختيار الظلمة على النور؟ فما بالكم تعدلون إلى عبادة من لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، وتتركون عبادة رب السماوات والأرض؟
  {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ}، يستنكر الله سبحانه وتعالى عليهم عبادتهم للأصنام فهل خلقت هذه الآلهة كخلق الله حتى اشتبه عليكم خلق الله من خلق ذلك الإله الآخر فذهبتم تعبدونه مع الله لأجل ذلك.
  {قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ١٦} أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأن يخبرهم أنه ما دام أنكم قد اعترفتم بالله سبحانه وتعالى، وأنه خالق السماوات والأرض - إذاً فهو وحده المختص بالإلهية، والمستحق للعبادة لا شريك معه في ذلك، فلأي سبب عدلتم إلى عبادة غيره.
  {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} ثم أخبر عن قدرة الواحد القهار الذي استحق العبادة وحده بأنه الذي أنزل المطر من السماء بقدرته، ومعنى «بقدرها»: بالمقدار الذي أراده الله سبحانه واقتضته الحكمة.
  {فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا} وأخبر أن هذا السيل يحمل زبداً فوقه والزبد كما هو معلوم لا نفع فيه، والرابي: هو المرتفع المنتفخ.
  {وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ}(١) وأخبر تعالى أن هناك زبداً آخر يخرج من الذهب والفضة والحديد والنحاس عند صياغته بالنار، والمعروف أيضاً أن هذا الزبد غير نافع ولا قيمة له.
(١) سؤال: من فضلكم ما إعراب: {وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ} إلى قوله: {زَبَدٌ مِثْلُهُ}؟
الجواب: «مما» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. «يوقدون»: صلة الموصول. «ابتغاء» مفعول من أجله. و «زبد مثله» مبتدأ مؤخر ومثله صفة.