محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة إبراهيم

صفحة 355 - الجزء 2

  وخلفتموهم في مساكنهم وقد عذبهم واستأصلهم بسبب تكذيبهم، ثم سكنتم في مساكنهم، فلماذا لم تعتبروا بهم، وبما نزل عليهم من عذاب الله وسخطه، وخاصة أنكم قد تحققتم ذلك؟

  {وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ ٤٥} فلماذا لم تعتبروا ولم تتعظوا؟ وقد قصصنا لكم أخبار الأمم، وضربنا لكم الأمثال، وأرسلنا إليكم الرسل لتنذركم وتحذركم، فقد بلغتكم الحجة، ولم يبق لكم أي عذر.

  {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ} وهم المشركون فقد بالغوا في المكر، وعملوا جميع الحيل، واتخذوا جميع الوسائل في استئصال الإسلام، وإبطال دعوة النبي ÷.

  {وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ} فأخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن كل ما فعلوه من المكر والحيل يعلمه الله وأن قدرته فوق قدرتهم، ومهما حاولوا فهو من فوقهم بقدرته يبطل ما يكيدونه ويدبرونه.

  {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ٤٦} أخبر الله سبحانه وتعالى أن الجبال ما كانت لتزول من مكرهم وحيلهم، وبعضهم فسر ذلك بأن مكرهم عظيم غير أن مكر الله سبحانه وتعالى فوق مكرهم⁣(⁣١).

  {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} فلا تظن يا محمد أن الله سبحانه وتعالى سيخلف ما وعد به رسله من النصر والظفر بالمشركين والقهر لهم، بل سينتقم لدينه من المشركين ويعذبهم ويعز رسوله والمؤمنين، غير أنه تعالى يمهلهم ويتأنى بهم إلى


= الجملة {كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ}، وقيل: هو مقدر مأخوذ من معنى الجملة أي: من معنى {كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ}، والتقدير: وتبين لكم حالهم بالمشاهدة والأخبار، وهذا القول الأخير أحسن وأولى، والله أعلم.

(١) سؤال: هل هذان التفسيران مبنيان على إعرابين مختلفين فما هما؟ وما الراجح منهما؟

الجواب: نعم، والإعراب الأول هو: أن «إن» نافية، وهذا الإعراب أحسن.

والإعراب الثاني: أن «إن» مخففة من الثقيلة، واللام في «لَتزولُ» مفتوحة والأخيرة مضمومة.