سورة النحل
  على أن هناك قوة سخرته على هذه الطبيعة، ومعنى «مواخر»: جاريات تشق الماء شقاً، وكذلك ما جعل لنا فيه من أسباب المعايش والبيع والشراء والتجارات، كل ذلك لأجل أن نعرفه ونعرف نعمه علينا، ونعترف بها وأنها من عنده، ولكن أكثر الناس ينكرون فضله ونعمه هذه، ويتمردون ويعاندون ويستكبرون.
  {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ(١) تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ١٥} يذكرنا الله سبحانه وتعالى بنعمته هذه وأنه قد خلق لنا الجبال لنستطيع أن نعيش على ظهر الأرض فلا تتمايل وتفقد توازنها، وكذلك سخر لنا الأنهار لنشرب ونسقي أرضنا ومواشينا، وكذلك الطرق التي نهتدي بها في أسفارنا كل ذلك لمصلحتنا، وقد جعل لنا في هذه الطرق علامات لنهتدي بها في سيرنا، فلو كانت كلها صحراء لضعنا ولتهنا فيها.
  {وَعَلَامَاتٍ(٢) وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ١٦} ثم ذكرنا بنعمة قد أنعم بها على العرب خاصة(٣) من بين سائر الأمم، حيث جعل لهم النجوم ليهتدوا بها في أسفارهم وطرقهم وتحديد جهات سيرهم.
  وقد تكون الرواسي هي الجبال الكبيرة، والعلامات هي الجبال الصغيرة، فالرواسي لتحفظ توازن الأرض، والعلامات لنهتدي بها في سيرنا وطرقنا.
(١) سؤال: من فضلكم ما إعراب: {أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ}؟
الجواب: «أن» مصدرية مسبوكة مع ما بعدها بمصدر في محل جر بالإضافة والتقدير: كراهة أن تميد بكم، ويصح أن تقول: في محل نصب بنزع الخافض.
(٢) سؤال: ما إعراب: {عَلَامَاتٍ}؟
الجواب: منصوب عطفاً على: {أَنْهَارًا وَسُبُلًا}.
(٣) سؤال: يقال: لماذا كانت للعرب خاصة دون غيرهم؟
الجواب: لأن الله تعالى أخبر بذلك في هذه الآية في قوله: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ١٦} فهذا التركيب يفيد الاختصاص.