محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الإسراء

صفحة 467 - الجزء 2

  {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى بأنه يوم القيامة سيدعو كل أمة وكل طائفة من الناس بإمامهم وقائدهم الذي كانوا يتبعونه في الدنيا، ثم ينادى بهم يا أتباع فلان أقبلوا؛ ويحتمل أن يكون المعنى يوم ندعوا كل شخص بكتابه الذي كتبت أعماله فيه.

  {فَمَنْ أُوتِيَ⁣(⁣١) كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ٧١} وهم الذين قد عملوا الأعمال الصالحة فسيوفيهم الله سبحانه وتعالى أجورهم يوم القيامة لا ينقص من أعمالهم مثقال ذرة، والمراد بإعطاء الكتاب باليمين: أنه علامة على أنه من أهل الهدى والصلاح، وبالعكس من أوتيه بشماله.

  {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا ٧٢} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى بأن من كان في الدنيا أعمى عن الحق والهدى ومعرضاً عنه فلا حظ له في الآخرة من الثواب، ولا نصيب له في رحمة الله سبحانه وتعالى، وكان المشركون يقولون: إنهم إذا رجعوا إلى الله سبحانه وتعالى فإن لهم عنده الحسنى، وكانوا يعتقدون أن من فضله الله سبحانه وتعالى في الدنيا فإنه سيفضله في الآخرة، وكانوا يقولون: إنهم أولى بالجنة من أتباع محمد ÷؛ لأنهم كانوا يزعمون أنه لا يتبع محمداً إلا أراذل القوم، وأنهم أهل الجاه والعز والسلطان والشرف، وأنهم هم الذين يطعمون الطعام ويحمون الجار ويغيثون الملهوف وهم ... وهم ... وهم، فهم أحق بالجنة من أولئك الذين لا حظ لهم ولا نصيب في شيء من الدنيا، فرد الله سبحانه وتعالى عليهم بذلك.


(١) سؤال: هل أخذ الكتاب باليمين يوم القيامة أو بالشمال حقيقة خصوصاً مع قوله: {يَقْرَءُونَ} و {اقْرَأْ كِتَابَكَ}⁣[الإسراء: ١٤] أم مجاز؟

الجواب: الظاهر الحقيقة ليطلع المكلف على أعماله التي يستحق بها الثواب أو العقاب وليعلم أن الله تعالى لم يظلمه: {كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ١٤}.