محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الإسراء

صفحة 468 - الجزء 2

  {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ٧٣} ثم خاطب الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ وأخبره بأن المشركين أهل دهاء وجدال وخصام ومراوغة، بينما كان النبي ÷ حريصاً كل الحرص على إيمانهم وإدخالهم في الهدى، وكان يلين لهم ويتلطف، وحاولوا⁣(⁣١) بدهائهم ومكرهم أن يستزلوا رسول الله ÷، ولكن الله تعالى عصمه ورد كيدهم في نحورهم.

  {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ٧٤ إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ⁣(⁣٢) ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ٧٥} وأنك لو


(١) سؤال: هل عرفت بعض المحاولات التي حاولوا أن يفتنوا بها المصطفى ÷؟

الجواب: عرف منها ما دل عليه قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ٢٨}⁣[الكهف]، وقوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ٥٢ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ٥٣}⁣[الأنعام].

ففي هذا ما يدل على أن المشركين حاولوا من رسول الله ÷ أن يطرد أهل الضعف والمسكنة من أصحابه المؤمنين أنفةً منهم وكبراً أن يجلسوا عند رسول الله ÷ وهم عنده في مجلسه، فنهى الله تعالى نبيه ÷ عن طاعة المشركين الغافلة قلوبهم عن ذكر الله فيما أرادوا من إبعاد أهل المسكنة والضعف.

وفي قوله تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ ١ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ٢ ...} إلى آخر السورة [الكافرون] - ما يدل على أن المشركين حاولوا أن يستجروا النبي ÷ إلى حل وسط بينهم وبين النبي ÷، ولعل النبي ÷ عند محاولتهم هذه ظن أنهم قد لانوا قليلاً وأن الإسلام قد دخل في قلوبهم بعض الدخول فنزلت هذه السورة لإفشال كيد المشركين ورد مكرهم.

(٢) سؤال: قد جاءت روايات صحيحة عن الباقر وزين العابدين أن {ضِعْفَ الْمَمَاتِ} =