سورة مريم
  والحكمة، وأن يكون من أهل رضوان الله سبحانه وتعالى.
  وكان قد خاف أن يرثه أقاربه فيضيعوا دين الله سبحانه وتعالى ويحملوا ميراث النبوة فيغيروا ويبدلوا في دين الله تعالى إذا مات، فكان ذلك هو الذي بعثه على الإلحاح على الله سبحانه وتعالى في الدعاء.
  {يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ٧} فاستجاب الله سبحانه وتعالى دعاءه وبشره بغلام، وأخبره بأنه قد اختار له اسماً من عنده تكرمة له، فسماه يحيى، وأخبره بأن هذا الاسم جديد لم يتسم به أحد قبله.
  {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ٨}(١) فاستبعد وتعجب أن يولد له ولد على كبر سنه، وتجاوز امرأته سن الحمل والولادة؟ وهذا مع أنه عالم في نفسه أن الله على كل شيء قدير، وتعجبه ذلك لم يكن إلا من قدرة الله سبحانه وتعالى العظيمة، وإرادة منه أن يعلم كيف سيتم ذلك في امرأة عاقر وزوج جاوز تسعين سنة.
  {قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ(٢) هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ٩} فأجابه الله سبحانه وتعالى أنه لا يصعب عليه شيء فهو على كل شيء قدير، وأخبره أنه كما خلقه قبل ذلك وأوجده بعد أن لم يكن شيئاً فهو قادر على أن يخلق ولداً في بطن زوجته العاقر.
(١) سؤال: ما إعراب قوله: {أَنَّى يَكُونُ} وكذا {عِتِيًّا}؟
الجواب: «أنى» اسم استفهام منصوب على الظرفية المكانية متعلق بالاستقرار المقدر في خبر يكون «لي». و «غلام»: اسم يكون، و «عتياً»: مفعول به.
(٢) سؤال: ما إعراب {كَذَلِكَ}؟ وما الفائدة في إعادة الفعل والفاعل المظهر في قوله: {قَالَ رَبُّكَ} مع أن القول الأول له تبارك وتعالى؟
الجواب: كذلك: خبر لمبتدأ محذوف أي: الأمر كذلك، وإعادة الفعل والفاعل المظهر لقصد تأكيد الخبر للسامع وتقوية تأثيره في ذهن المخاطب.