سورة الحج
  {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ(١) عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} ثم رجع إلى ذكر المشركين الذين يصدون عن دعوة النبي ÷ وعن الإيمان به.
  {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ} وكذلك يصدون الناس عن الحج والعمرة إلى بيته الحرام وكأنه حق لهم وحدهم يمنعون عنه من شاءوا.
  وقد يكون المراد به الحرم المحرم فقد جعله الله سبحانه وتعالى وقفاً(٢) لجميع الناس، لا يحق لأحد أن يتملك من أرضه شيئاً، فكيف يكون حال من صد عن ما قد وقفه الله سبحانه وتعالى وأراده لجميع الناس؟ وكيف سيكون جزاؤه عند الله سبحانه وتعالى؟
  {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}(٣) فالناس جميعاً سواء فيه، أهله وساكنوه والذين هم خارجه، لا فضل لأحد على أحد، وقد أمر علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في الجنة عامله على مكة بإلزام أهل مكة في أيام الحج أن يفتحوا أبواب بيوتهم ويتوسعوا للوافدين إليهم؛ لأنه ليس لهم فيها إلا حقُّ السكنى فقط بقيَّةَ العامِ، فلا
(١) سؤال: كيف ساغ عطف المضارع {يَصُدُّونَ} على الماضي {كَفَرُوا}؟
الجواب: يصح عطف المضارع على الماضي وإنما عدل من الماضي إلى المضارع؛ لأن الصد يتجدد منهم صداً بعد صد ويوماً بعد يوم.
(٢) سؤال: هل أخذت الوقفية من هذه الآية أم أن لها أدلة أخرى فما هي؟
الجواب: أخذت الوقفية وأحكامها من حديث النبي ÷ ومن حديث وقفية أمير المؤمنين #، ولا خلاف في شرعية الوقف وقد وقف أئمتنا $ وغيرهم.
والحرم المحرم الذي جعله الله تعالى للناس جميعاً هو نوع من الوقف له حرمة خاصة لا تكون لغيره، {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}[آل عمران: ٩٧]، لا يحل صيده ولا يهيج، ولا تحل لقطته، و ... إلخ.
(٣) سؤال: فضلاً ما إعراب: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}؟ وما إعرابها على قراءة الرفع في {سَوَاءٌ}؟
الجواب: إذا كانت «جعلنا» متعدية لمفعولين فسواءً المفعول الثاني، وإن كانت متعدية لمفعول واحد فسواء حال من مفعول «جعلناه» والعاكف والباد فاعل سواءً، وإذا رفع «سواء» فهو خبر مقدم، و «العاكف والباد»: مبتدأ مؤخر، و الجملة في محل نصب المفعول الثاني لجعلنا.