محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[مقدمة التحقيق]

صفحة 16 - الجزء 1

  ومآخذ الحلال والحرام، وفيما سواها مما زاد على الخمسمائة آية، ولم تتناولها أفهام المجتهدين بنظر ولا دراية، ولا جرت عليها أقلام الاستنباطات بفكر ولا إجالة.

  وإنه من المعلوم بمكانٍ أنه لو خاض المؤلف حفظه الله في هذا الباب، أو استرسل قلمه في هذا الموضوع لأتى بالعجب العجاب، واستخرجَ ما يبهر عقول المجتهدين وأحلام ذوي الألباب، حتى يضطر الموالف والمخالف إلى الشهادة بأنه - حفظه الله - قد أوتي الحكمة وفصل الخطاب، واختصه ربه بما نَدَّ عن غيره من فهم دقائق السنة وفقه أسرار الكتاب، ويجعلهم يجزمون قطعاً بأنه - في هذا العصر - القرينُ للقرآن، والمختص بهذه الخصلة من عترة سيد ولد عدنان.

  والعيان فوق البيان فمن نظر في كتابه (زبر من الفوائد القرآنية) و (أزهار وأثمار من حدائق الحكمة النبوية) علم ذلك يقيناً، وربما حلف على مضمونه يميناً.

  وأما أسرار البلاغة وعجائب المعاني والبيان فلو أذن المؤلف - حفظه الله - لقلمه بالجري في ذلك الميدان لاستوعب المجلدات الكبار، واستغرق تفسيره عشرات الأسفار، وأربى على تهذيب الحاكم، وامتازت نكته الدقيقة على تحقيقات حاشية الشريف يحيى بن قاسم، يَعْرِفُ هذا من سرَّح نظره في كتاب (المفاتيح)، أو أجال فكره فيما سطّره قلمه الشريف على سورة الكوثر ونحوها من السور الكريمة.

  وأبلغ من ذلك وأعجب أنه اتَّسق له هذا التفسير العظيم، وانتظمت له هذه المحاضرات القويمة، بترابط عباراتها، وسهولة تراكيبها، وسلاسة ألفاظها، وعذوبة أساليبها، كل ذلك من دون نظر في كتب التفسير، ولا تَدَرُّس في أمهاتها ولا تحضير، ولا رجوع إلى القواميس اللغوية، بل أملاها بصافي فكرته الزكية، وأفرغها من حوصلته إلى المستمع طريَّة، وسُجِّلت ألفاظها عن فمه الطاهر غضة نديَّة، وهذا مما يدهش العقول ويحير الألباب.

  ولينظر المتشكك في هذا على سبيل المثال في تفسير الآية (٨٨) من سورة الصافات، وتأويله القويم لآية (١٠٢) من السورة نفسها، وآيتي (٦١، و ٨١) من سورة الزخرف،