محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[مقدمة التحقيق]

صفحة 17 - الجزء 1

  والآية الثانية من سورة الفتح والرابعة عشرة من سورة الملك، وآية (١٨) من المزمل، وتأويله لقوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}⁣[البقرة: ١٠٦]، ونحوها مما لمحنا في الأسئلة إلى قوة نظره فيها، وعظيم تأويله لها.

  ومما يثير العجب أيضاً في هذا التفسير ضبط معاني بعض المفردات اللغوية الصعبة التي سُدِّد لها مولانا - حفظه الله - إملاءً من حفظه وذاكرته، والتي قد يصعب على بعض العلماء الكبار استخراجها من كتب البحث، أو التنقيب عن معانيها في نصوص علماء اللغة المحققين، دع عنك حفظها وصياغتها في ألفاظ بسيطة سهلة، كما صنعه المؤلف - أيده الله - في تفسيره هذا، مما يدل المنصف على سعة باع مولانا في هذا الجانب، وقوَّة تحصيله، وغزارة مخزون صدره، مع منحةٍ إلهيةٍ، وتوفيق رباني، وبركاتِ الدعاء النبوي: «اللهم اجعل العلم والفقه في عقبي وعقب عقبي، وزرعي وزرع زرعي إلى يوم القيامة».

  ومع ذلك فإنه يقول - حفظه الله - في مقدمته - التي ستأتي - بأنه لم يكن يحب سحبه وإخراجه في كتاب؛ لقصوره عن ذلك، ونقصانه عن أن يسطّر في كتاب ... إلى قوله: بأنه يريد شطب التفسير الأول وتبديله بتفسير جديد إلا أن الظروف لم تسمح له، وهذا غاية التواضع من جنابه الكبير، (وليست من أبي بكر ببكر)، فقد امتزجت هذه الخصلة (التواضع) بلحمه ودمه حتى صارت بالنسبة إليه كالأمور الجبِلِّية، ولعل هذا الأمر هو السبب في قبول غالبية المجتمعات لهذا التفسير خاصة، ولمؤلفات مولانا - أيده الله - عامةً؛ مصداقاً للحكمة النبوية صلوات الله وسلامه على صاحبها وآله: «من تواضع لله رفعه»، وإلا فإنه - أي: تفسير مولانا حفظه الله - قد اشتمل على معان دقيقة، وتأويلات مستقيمة، وأنظار قويمة، وفوائد كريمة، وامتاز - كما أسلفنا - بمميزات عظيمة، مع أن مولانا - حفظه الله - قد بسط عذره في عدم مراعاته لضوابط النحو والبلاغة، وقواعد الكلام العربي، عند تحليله للآيات الكريمة، وتفكيكه للنظم القرآني؛ وذلك مراعاة إفهام العوام والقاصرين