محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة العنكبوت

صفحة 332 - الجزء 3

  من عند نبي الله إبراهيم # ذهبوا إلى لوط، وعندما رآهم ضاق بهم ذرعاً، واستاء بوجودهم خوفاً عليهم من قومه أن يفعلوا بهم الفاحشة.

  {وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ⁣(⁣١) وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ٣٣ إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ٣٤}⁣(⁣٢) فطمأنوه بأن لا يخاف عليهم فلن يستطيعوا أن يلحقوا بهم أي سوء أو مكروه، وأخبروه بأنهم رسل الله قد نزلوا بالعذاب على قومه لإهلاكهم واستئصالهم بعد أن ينجوه وسائر أهله عدا زوجته، ومعنى «رجزاً»: عذاباً شديداً.

  {وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ٣٥}⁣(⁣٣) ثم أخبر الله سبحانه وتعالى


(١) سؤال: يقال: ما السر في ابتدائهم بإخباره بنجاته وأهله قبل إخباره بإنزال العذاب على قومه؟

الجواب: السر في ذلك - والله أعلم - أن يطمئنوه أولاً قبل أن يصدموه بخبر الخوف الذي لا تتحمل البشر رؤيته لعظمه وفضاعته.

(٢) سؤال: هل يؤخذ من الآية أن خوف المؤمنين من توقع مكروه لا يضر إيمانهم؟ إن كان فما هو الخوف المذموم؟

الجواب: الخوف لا يخل بالإيمان؛ لأنه طبيعة لا يمكن التخلص منها. والمراد بالخوف المذموم هو الخوف الذي ينتج عنه ترك واجب أو فعل محرم؛ لذلك يكون الذم هو ترك الواجب أو فعل المحرم لا الخوف نفسه؛ لذلك ذم الله تعالى الذين تركوا الهجرة إلى المدينة خوفاً من المشركين مع تمكنهم من الهجرة، وذم الذين ارتدوا عن الإسلام خوفاً من المشركين، وهم الذين ذكرهم الله في أول هذه السورة بقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ ...} الآية [العنكبوت: ١٠].

(٣) سؤال: لا زال يشكل علينا تحليل أسلوب التعبير هذا: {تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً}، فضلاً أوضحوه لنا مع معنى «من» في الآية؟

الجواب: «منها» حال من «آية» متعلق بمحذوف، و «من» لابتداء الغاية، أي: أن الآية ناشئة من القرية أي: أن الآية نتجت من القرية وخرجت منها كخروج الولد من أمه.