محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة لقمان

صفحة 386 - الجزء 3

  {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ⁣(⁣١) وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا⁣(⁣٢) أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ٦} يحكي الله سبحانه وتعالى في هذه الآية عن أحد زعماء قريش، وكان قد اشترى عدة نساء يُحسِنّ الرقص والغناء، وجلبهن إلى مكة ليستهوي بهن الناس، ويجمعهم حولهن ليستمعوا إلى غنائهن، ويشاهدوا رقصهن، وكان يحثُّ الناس على الاستماع إليهن، ويقول لهم: إن ذلك أفضل من السماع لمحمد وسحره، وما يدعوكم إليه، وكل ذلك منه ليصد عن سبيل الله وعن سماع القرآن، فأخبر الله سبحانه وتعالى أن لهؤلاء الذين يصدون عن سبيله منزلة سيبلغونها في نار جهنم بسبب صنيعهم هذا⁣(⁣٣).


(١) سؤال: هل قوله: {بِغَيْرِ عِلْمٍ} يفيد أنه كان يضلهم بغير معرفة؟ أم له توجيه آخر؟

الجواب: «بغير علم» متصل في المعنى بقوله: {يَشْتَرِي} وليس بـ «يضل»، أي: يشتري حال كونه غير عالم بالشراء، فهي في المعنى كقوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ١٦}⁣[البقرة]، أي: ما كانوا مهتدين لطرق التجارة الرابحة أي: اشتروا الضلالة غير عالمين بطرق التجارة الرابحة.

(٢) سؤال: ما نوع اسمية «هزواً»؟

الجواب: «هزواً» مصدر مثله مثل قولنا «زيدٌ عدل».

(٣) سؤال: إذا استدل بعض المروجين لإباحة الغناء بما يفهم من الآية في الظاهر، وذلك أنه إنما يحرم إذا كان فيه إضلال عن دين الله وطرقه، لا في غير تلك الحال؛ فكيف يجاب عليه؟

الجواب: ظاهر مفهوم الآية أنه لا يحرم إلا إذا كان لغرض الإضلال، إلا أن هذا المفهوم قد عارضه منطوقات صريحة؛ للأدلة المتكاثرة التي تقضي بتحريمه في كل حال؛ لذلك تبطل دلالة ذلك المفهوم ولا تقاوم المنطوق من الأدلة الواضحة على تحريمه، مما صح وثبت عن رسول الله ÷ من الأحاديث الكثيرة التي روتها أمة محمد ÷، والتي تقرب من التواتر المعنوي، فتكون هذه الآية مؤكدة وشاهدة على صحة الأحاديث النبوية، وأما مجرد تسمية الغناء لهواً فلا يكفي في الدلالة على تحريمه، فاسم اللهو شامل للمحرم والمكروه والمباح: {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ =