محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة السجدة

صفحة 406 - الجزء 3

  {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} يُذَكِّرُ الله سبحانه وتعالى المشركين بأنه وحده المتفرد بخلق السماوات والأرض وما بينهما، فلا شريك له في ذلك، وقد خلقهما بالتدريج شيئاً فشيئاً على حسب ما اقتضته الحكمة.

  {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} بعد أن خلق السماوات والأرض وما بينهما، أخبر سبحانه وتعالى أن ذلك هو ملكه وحده، وأنه وحده المسيطر على جميع ذلك الملك بعلمه وقدرته وإحاطته وتدبيره⁣(⁣١).

  {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ}⁣(⁣٢) ولن ينفعكم أحد أيها المشركون غير الله سبحانه وتعالى، فخصوه وحده بالعبادة؛ لأنه الذي بيده نفعكم وبيده جميع أموركم، فلا ملكٌ ولا نبي ولا صنم ولا أي شيء سينفعكم.

  {أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ٤} يستنكر الله سبحانه وتعالى عليهم لماذا لا يتفكرون بعقولهم ويرجعون إلى خالق السماوات والأرض ويتركون تلك الأصنام التي يعبدونها.

  {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ}⁣(⁣٣) أراد الله سبحانه وتعالى أنه ينزل القرآن من السماء الدنيا إلى الأرض؛ والسماء الدنيا هي هذه التي نراها فوقنا بما فيها من الكواكب الزاهرة المتوقدة نوراً، وقد أنزله الله تعالى أولاً إلى السماء⁣(⁣٤) الدنيا جملة


(١) سؤال: يقال: ظاهر هذا أن الترتيب الذي اقتضته «ثم» في الأخبار فقط، فما الموجب عن العدول عن أصل استعمالها وهو الترتيب في المخبر عنه؟ وما قرائن ذلك؟

الجواب: الذي أوجب العدول عن المعنى الظاهر لـ «ثم» هو ما لا يخفى أن الله ø هو مالك السموات والأرض المستولي عليهما منذ بدء خلقهما، وأن ملكه لهما لم يتجدد بعد خلقهما بفترة من الزمن بعد أن لم يكن مالكاً لهما، ولا ريب في هذا، وهذا دليل عقلي قطعي.

(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب: {مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ}؟ وما السر في فصل هذه الجملة عن سابقتها؟

الجواب: «ولي» مبتدأ مرفوع محلاً مجرور لفظاً، و «شفيع» معطوف على ولي. وفصلت هذه الجملة لأنها استئناف بياني مقرر للجملة السابقة في جواب سؤال مقدر.

(٣) سؤال: ما محل هذه الجملة: «يدبر الأمر ..» إلخ؟

الجواب: خبر ثان للمبتدأ «الله الذي ..».

(٤) سؤال: يقال: ما الوجه في قصر السماء على السماء الدنيا؟ وهل يصح أن يحمل الأمر على =