سورة السجدة
  واحدة، ثم بعد ذلك أنزله الله تعالى على نبيه ÷ مفرقاً ومنجماً في ثلاث وعشرين سنة.
  {ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ٥}(١) يخبر الله سبحانه وتعالى عن كيفية نزول القرآن، وذلك(٢) أن جبريل # أنزله مفرقاً على
= معايش الناس وحياتهم وموتهم و ... و ... إلخ؟ أم لا مع تعليلكم القويم؟
الجواب: الوجه هو ما اشتهر عند أهل العلم أن الله تعالى أنزل القرآن جملة إلى السماء الدنيا ثم أنزله مفرقاً على رسوله ÷، وما حكاه الله تعالى عن الجن: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ٨ وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ٩}[الجن]، والمراد بالسماء في قولهم هذا هو سماء الدنيا بدليل: {زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ}[الملك: ٥]، فالشهب التي جعلها الله تعالى رجوماً للشياطين هي في السماء الدنيا. ويصح أن يحمل الأمر على ما ذكرتم إلا أن الذي ذكرناه هو تفسير الإمام القاسم بن إبراهيم والهادي @ وهو الأولى؛ لأن السياق في تنزيل الكتاب الكريم وعظمة منزلته.
(١) سؤال: هل المراد بقوله «يوم» يوم من أيامنا المعروفة أم كيف؟
الجواب: المراد باليوم هو اليوم المعروف عندنا أي: أن نزول الوحي من السماء إلى الأرض وعروج العمل من الأرض إلى السماء كل ذلك يكون في يوم من أيامنا بحيث أن تلك المسافة لو بسطت في الأرض لم يقطعه المسافرون في ألف سنة.
(٢) سؤال: يقال: إذا كان هذا إخباراً عن نزول القرآن فما فائدة: {ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ}؟ ومتى سيصعد القرآن؟ أم أنكم تريدون يصعد جبريل إلى السماء فسيشكل عود ضمير فاعل «يعرج» إلى غير مذكور وهو جبريل؟ أم ترونه عائداً إلى الأمر والمراد به جبريل فهو يحوجنا إلى تأويل بعيد فما رأيكم سلام الله عليكم؟
الجواب: أخبر الله تعالى هنا عن نزول أمره ثم عروجه إليه في يوم مقداره ألف سنة أي خمسمائة نزول وخمسمائة عروج، فالفائدة هي بيان مقدار المدة لذلك، والمراد بالعروج هو عروج العمل، والضمير في «يعرج» هو للعمل، وصح ذلك لأنه أثر من آثار الأمر ونتيجة من نتائجه فهو مثل:
إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا
أي: فيكون ضمير «يعرج» عائداً إلى الأمر على أنه بمعنى العمل، والدليل على أن المراد عروج العمل قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[فاطر: ١٠].