محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأحزاب

صفحة 464 - الجزء 3

  وَإِثْمًا مُبِينًا ٥٨} وكذلك من آذى مؤمناً أو مؤمنة عن غير سبب أو مبرر⁣(⁣١)، ولا على وجه الاقتصاص؛ فإنه سيتحمل من الإثم ما يوجب غضب الله وسخطه، ويستوجب عذابه في نار جهنم؛ لأنه قد فعل كبيرة من الكبائر.

  {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ⁣(⁣٢) عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} كان النساء في زمان النبي ÷ يخرجن إلى الخلاء لقضاء حاجاتهن بعد المغرب بعيداً عن بيوتهن، وكان أهل الفسق والفجور وأهل الدناءة يقفون في طريقهن ويتعرضون لهن، فأمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يأمر نساءه ونساء المؤمنين بأن يرخين ويرسلن الجلابيب السود على وجوههن⁣(⁣٣) وصدورهن


(١) سؤال: لو تفضلتم بتعديد صور من المبررات للأذية لكان مناسباً؟ وما هو المقصود بالبهتان في الآية؟

الجواب: منها ما أذن الله تعالى فيه النفس بالنفس والعين بالعين والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص، وفي قوله: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}⁣[البقرة: ١٩٤]، ومن ذلك حد الزاني وقطع يد السارق وجلد القاذف وتعزير الظالم وحد قطاع الطرق وحبس المتهم والمتمرد والمماطل عن الوفاء بما عليه من الدين حتى يفي بدينه أو يظهر إعساره والحبس في النفقة الواجبة. والبهتان هنا: قول الزور من حيث أن الأذى يكون بالقول كثيراً.

(٢) سؤال: ما إعراب «يدنين»؟

الجواب: مضارع مجزوم في جواب الطلب، والتقدير: قل لهن: «أدنين عليكن من جلابيبكن يدنين»، وهذا المقدر هو مقول القول، وهذا الإعراب أحسن ما قيل، والله أعلم.

(٣) سؤال: يقال: ظاهر هذا أن الجلباب يستر الوجه، فهل يؤخذ من هذا شرعية تغطية الوجه أم لا؟ مع تعليلكم حفظكم الله؟

الجواب: كانت النساء لا يخرجن لقضاء الحاجة إلا في سواد الليل لأجل أن يسترهن سواد الليل، فأمرهن الله بإسدال بعض من خمرهن على جيوبهن، أي: بأن يلبسن الخُمُر ويسدلن بعضه على جيوبهن، وذلك من أجل أن يتميزن عن الإماء؛ لئلا يتعرض لهن المتعرضون من المنافقين وغيرهم؛ لذلك فلا يستدل بهذه الآية على وجوب تغطية الوجه؛ لأن سواد الليل ساتر لهن.