سورة يس
  {وَالْقَمَرَ(١) قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ٣٩} وكذلك أرشدهم أن ينظروا في الآية التي جعلها لهم في القمر، والمنازل التي رسمها له والتي تعرف بها الأيام والشهور؛ فإنك تراه على مسارات محدودة، ومنازل معلومة طول الشهر في ميزان دقيق لا تتغير منازله تلك أو تتبدل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
  وأخبر سبحانه وتعالى أن القمر بعد اكتماله ينقص في كل منزلة قليلاً حتى يصير في الدقة كالعرجون القديم.
  وقد شبهه الله سبحانه وتعالى بالعرجون القديم الذي هو عود عنقود ثمر النخل عندما ييبس.
  وما جعله الله سبحانه وتعالى من المنازل للقمر فلفوائد كثيرة جعلها لعباده وأنعم بها عليهم، فيجب عليهم أداء شكرها، وأيضاً جعل في ذلك آية دالة على قدرته وعلمه وتدبيره.
  {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا(٢) اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ٤٠} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنه قد جعل للشمس منازل مقدرة تسير فيها، وأنه يكون لها في كل يوم منزلة تسير فيها على طول العام ثلاثمائة وستون منزلة، ولا يمكن لها أن تلحق القمر، وكذلك القمر يسير في منازل حددها الله سبحانه وتعالى له على مدار الشهر لا يتخلف عنها، وأن كل واحد من الشمس والقمر يسير في مكانه المحدد والمقدر من دون أن يحدث بينهما أي تصادم أو تلاقي. والمراد بـ «لا الليل سابق النهار»: أي لا يمكن الليل أن يسبق النهار أو يزاحمه،
(١) سؤال: علام انتصب قوله: «القمر»؟ وعلام عطفت الجملة بأكملها؟
الجواب: القمر منصوب بفعل محذوف يفسره ما بعده، والجملة لا محل لها من الإعراب معطوفة على: «وآية لهم الليل».
(٢) سؤال: هل «لا» هنا نافية أم عاطفة؟
الجواب: «لا» نافية وليست عاطفة في الموضعين.