سورة ص
  أخاه يملك تسعاً وتسعين نعجة، ويريد مني أن أضم نعجتي الوحيدة إلى نعاجه، وقد أخذها وغلبني في المحاجة عليها، ولم يقتنع بما عنده من النعاج.
  {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ}(١) فحكم(٢) نبي الله داود # على مالك النعاج أن يرد نعجة صاحبه، وأنه قد ظلمه بأخذها منه، وأن الظلم عادة الكثير من الشركاء مع شركائهم إلا من آمن بالله وخاف منه وعمل الأعمال الصالحة فلن يقع في شيء من ذلك.
  {وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} وعلم(٣) داود # بعد خصومة الرجلين أنهما من الملائكة، وأن ذلك امتحان(٤) من الله سبحانه وتعالى له، وتنبيه منه تعالى له.
(١) سؤال: فضلاً ما إعراب: «وقليل ما هم»؟ وعلام عطفت هذه الجملة؟ وما الذي يؤخذ منها من فوائد؟
الجواب: «قليل» خبر مقدم، «ما» صلة لتأكيد القلة، و «هم» مبتدأ مؤخر، والواو حالية والجملة في محل نصب حال. ويؤخذ منها: أن كثرة أهل مذهب أو أهل دين لا تدل على أنهم على الحق.
(٢) سؤال: ما الوجه في حكمه # مباشرة دون سماعه لإجابة الثاني؟
الجواب: لم يحك الله تعالى لنا إلا قول المدعي المظلوم؛ لأن ذلك هو الغرض المقصود، ولم يتعلق بجواب الطرف الثاني غرض حتى يحكى.
(٣) سؤال: ما الوجه في جعل الظن بمعنى العلم هنا؟ وهل هو حقيقة أو مجاز؟ ومن أي أنواعهما؟
الجواب: قد قدمنا جواباً على مثل هذا في سورة البقرة وحاصله: أن الظن قد يطلق على العلم ويكون الإطلاق مجازياً إذا كان المراد بالعلم الضروري الذي يصل إلى ١٠٠ % وما لم يحصل إلى هذه الدرجة فإنما هو ظن راجح فيحمل العلم في كلامنا على الاستدلالي وهو الظن الراجح، والله أعلم.
(٤) سؤال: يقال: ما وجه هذا الامتحان؟ وما علاقته بالتنبيه فالظاهر تباينهما؟
الجواب: وجهه هل سيحكم داود على نفسه بمثل ما حكم به على الخصمين أم لا، فلما تبين ذلك استغفر ربه وخر راكعاً وأناب؛ فكان في هذا تنبيه له على خطئه فيما ذكرناه من الخواطر وميل النفس ورغبتها المجردة عن النية والإرادة والعزم.