سورة ص
  {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ} أخبر الله سبحانه وتعالى أنه قد غفر له ذلك الخاطر الذي جال في نفسه وقبل توبته.
  {وَإِنَّ(١) لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ٢٥} وأكد الله تعالى أن داود # عنده من أهل المنازل الرفيعة والدرجات العالية وأن ذلك الخاطر الذي خطر بباله لم ينقص من منزلته عند الله، ومعنى «حسن مآب»: حسن مرجع في الآخرة وذلك الجنة.
  {يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ٢٦}(٢) ثم أوحى الله سبحانه وتعالى إليه بالولاية على الناس، وأمره بأن يحكم بينهم بالحق والعدل، وأن يترك هوى(٣) نفسه وشهواتها فلا
(١) سؤال: ما الوجه في عطف هذه الجملة على التي قبلها؟ أم أن الواو غير عاطفة؟
الجواب: الواو للحال، والجملة في محل نصب حال من فاعل «غفرنا».
(٢) سؤال: ما الذي أفادته الفاء في قوله: {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ}؟ وما إعراب «فيضلك»؟ وقوله: {بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ٢٦}؟
الجواب: الفاء هذه هي الفصيحة أي: أنها رابطة لما بعدها بشرط مقدر فهي سببية رابطة. «فيضلك» الفاء هي السببية، ويضلك: مضارع منصوب بـ «أن» مضمرة، والفاء هي السببية لوقوعها في جواب النهي. «بما نسوا يوم الحساب» الباء حرف جر، و «ما» مصدرية مسبوكة مع ما بعدها بمصدر مجرور بالباء، والجار والمجرور متعلق بما تعلق به «لهم» في قولهم: {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ}.
(٣) سؤال: يستدل بعض الناس على أن في قوله: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى} تعريضاً بداود # بدليل أن الله نهاه عن ذلك كما أشرتم إلى مثله في قوله: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ}[الحجرات: ٢]، وقوله: {فَلْيَفْرَحُوا}[يونس: ٥٨]، في يونس، وكذا في الأنفال وغيرها؛ فما رأيكم في ذلك مع بيان وجهه؟
الجواب: قد يكون في ذلك تعريض كما يقوله البعض، إلا أنه ينبغي أن يعلم أن نبي الله داود # لم يقع منه فعل معصية ولم يَمِلْ مع هواه، والذي كان منه # هو حديث نفسي وخواطر لا غير، فنهاه الله تعالى عن ذلك الذي حصل منه؛ لأن من اشتغل بها واسترسل معها فربما مالت به إلى فعل =