سورة الزمر
  المشركون الذين اتخذوا أرباباً يعبدونهم من دون الله تعالى كانوا يقولون: إنهم إنما يعبدون الأرباب لتقربهم إلى الله سبحانه وتعالى وتشفع لهم عنده.
  {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} كان المشركون فرقاً ومذاهب كثيرة، وكان كل فريق منهم قد اتخذ له إلهاً يعبده، فأخبر الله سبحانه وتعالى أنه سيحاسبهم جميعاً، وسيحكم بين فرق المشركين، وبينهم وبين أهل الحق، وبين المعبودين وعبدتهم.
  وحُكْم الله سبحانه وتعالى أن من كان على الحق فسيثيبه بالجنة، ومن كان على الباطل فسيعاقبه في جهنم وبئس المصير.
  ومعنى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ٣}: لا يلطف ولا يوفق من هو كاذب كفار والمشركون كاذبون حين قالوا إن الأصنام آلهة.
  {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}(١) كان المشركون
= فهل هذا التقدير حتم؟ فما علة حذفه؟ وإن كان غير حتم فأين الخبر؟ وكيف بالضمائر المختلفة؟ وما إعراب: {لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}؟
الجواب: نعم، يكون «يقولون» المقدر هو الخبر، وهذا أحد وجهين ذكرهما صاحب الكشاف، والوجه الثاني هو: أن يكون الخبر: «إن الله يحكم بينهم» ويكون القول الذي قدرناه حالاً أي: قائلين ما نعبدهم ... ، أو يكون «يقولون» المقدر بدلاً من الصلة. هذا ما ذكره صاحب الكشاف وهو إمام المعربين وعليه فيكون تقدير القول حتماً. وقوله: «ليقربونا» اللام للتعليل ويقربونا: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل، وعلامة نصبه حذف النون، وواو الجماعة فاعله، و «نا» ضمير في محل نصب مفعول به، و «إلى الله» جار ومجرور متعلق بيقربونا، و «زلفى» مفعول مطلق مؤكد لعامله الذي يوافق معناه؛ لأن الزلفى بمعنى القربى، والله أعلم.
(١) سؤال: هل هذه الآية من باب القياس الاستثنائي الذي يستخدمه المنطقيون، فتكون دليلاً على كونه حجة يجب العمل به، وضحوا ذلك؟
الجواب: نعم، هي من باب القياس الاستثنائي، وهذا القياس حجة مقررة في العقول لا تستدعي إقامة دليل، ومثل هذه الآية قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء: ٢٢].