محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الزمر

صفحة 628 - الجزء 3

  يقولون: إن الملائكة بنات الله؛ فرد الله سبحانه وتعالى عليهم اعتقادهم بأنه لو أراد أن يتخذ الأولاد كما يزعمون لاختارهم واصطفاهم من أفضل مخلوقاته وأزكاهم، ولما اختار الجنس الأدنى الذي هو الإناث.

  {سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ٤} نزه الله نفسه عما ينسبونه إليه من الولد، فقد تقدس وتنزه عن مشابهة المخلوقين، وذلك أن التوالد من طبيعة المخلوقين، والله سبحانه وتعالى ليس من جنس المخلوقات، فهو المتفرد بصفات الإلهية والكمال القاهر لكل شيء بقوته، والمتنزه عن اتخاذ الشركاء والأولاد، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد.

  {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنه خلق السماوات والأرض لغرض عظيم وحكمة بالغة، وذلك ما يترتب على خلقهما من الحياة الآخرة، والبعث بعد الموت، فليس هذا الخلق إلا مقدمة لتلك الحياة الأخرى، وفي هذه الآية رد على المشركين في إنكار البعث بعد الموت، إذ لو كان كما يزعمون من عدم البعث لكان خلقه للسماوات والأرض وما بينهما عبثاً وباطلاً عارياً عن الحكمة⁣(⁣١).


(١) سؤال: إذا قال أحد هؤلاء بأن خلقهما ليتمتع الإنسان والمخلوقات على ظهر الأرض بهذه الحياة وبما فيها من فوائد دون ترتيب البعث والحساب على خلقهما، فبماذا يجاب عليه؟

الجواب: يقال: ولكن ما الحكمة في خلق الأرض وخلق الإنسان ليتمتع فيها بمتاع الأرض مع العلم أن لكل إنسان عمراً مقدراً فمنهم من يموت بعد ولادته ومنهم بعد سنة من ولادته، ومنهم بعد عشر أو عشرين أو ستين أو تسعين أو ... إلخ، مع ما يعرض من أمراض شديدة للكبار والصغار، ومع مخاوف وفقر وغنى وظلم كبير، يأتي الظالم فيقتل الأطفال الرضع ذبحاً أو خنقاً أو دوساً، ويقتل النساء والرجال العزل، ويأخذ أموالهم، لا حول لهم ولا قوة، وكم في الدنيا من مثل هذا، وبعضهم لم يعرف التمتع بخيرات الدنيا، وبعضهم يلحقه من الأضرار والعذاب في الدنيا ما ينسى معه متاعه في الدنيا، وبعضهم ... إلخ، والظالم قد طال تمتعه بقتل البشر وسلبهم أموالهم، وفي =