سورة الزمر
  {مَثَانِيَ} وقد اشتمل على الثناء والمدح لله سبحانه وتعالى، وتكررت فيه آيات الله وحججه وأحكامه ومواعظه وقصصه وعبره(١).
  {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}(٢) الذين يخشون الله سبحانه وتعالى تصيبهم القشعريرة الشديدة خوفاً من الله تعالى ومن لقائه إذا سمعوا ذكر الله وآياته فتراهم يسارعون إلى المبادرة في طاعة الله سبحانه وتعالى، وفعل ما يرضيه حين يسمعون آيات القرآن الحكيم.
  ومعنى «ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله»: هو أنهم يندفعون إلى فعل ما أمروا به من الصلاة وسائر العبادات، في خشوع وخضوع وامتثال وإذعان.
  {ذَلِكَ(٣) هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى عن
(١) سؤال: هل تريدون أن قوله: «مثاني» يحتمل أن يكون من الثناء ومن التثنية؟ فما وجه ذلك؟
الجواب: المراد أنه من التثنية لا من الثناء، وإنما ذكرنا الثناء لأنه يثنى في القرآن، أي: أن الثناء على الله تعالى بذكره مرة بعد مرة في القرآن.
(٢) سؤال: هل البكاء عند قراءة القرآن ممدوح، ولو من الإنسان المقصر بموجب هذه الآية؟
الجواب: البكاء عند قراءة القرآن ممدوح ومطلوب بدليل قوله تعالى: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ ٥٩ وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ ٦٠ وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ ٦١}[الحجر]، إلا أن البكاء والقشعريرة لا تكون إلا من الذين يخشون ربهم وهم المؤمنون بالله ورسوله وبكتابه وباليوم الآخر.
سؤال: يقال: لم خصص ذكر الله بإلانة القلوب والجلود مع أن ما يحصل عنده القشعريرة والاضطراب هو أيضاً ذكر الله سبحانه؟
الجواب: تحصل للمؤمن الخشية والخوف عند سماعه للقرآن وإلى ما فيه من ذكر عظمة الله وسعة علمه وإحاطة قدرته وشدة وعيده، إلا أن المؤمن لا ييأس من رحمة الله فيذهب بفكره إلى باب الأمل المفتوح فيطمئن خوفه وينبسط جلده إلى رحمة الله ومغفرته ووعده الكبير للتائبين والمستغفرين والمؤمنين.
(٣) سؤال: ما السر في استخدام إشارة البعيد؟
الجواب: السر تعظيم الهدى الذي عليه المؤمنون الذين يخشون ربهم.