محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الزمر

صفحة 646 - الجزء 3

  {كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأن شأن أمته كشأن من سبقها من الأمم، وأن كل الأنبياء من قبله قد لاقوا مثل ما لاقى من قومه من التكذيب والاستهزاء، فلا يكبر ذلك في نفسه فليس الأول من الرسل.

  {فَأَتَاهُمُ⁣(⁣١) الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ٢٥} وقد عذبهم الله سبحانه وتعالى جزاءً على تكذيبهم وتمردهم، ولم يشعروا إلا بحلوله ونزوله عليهم فجأة عن غير استعداد منهم لنزوله.

  {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا⁣(⁣٢) وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ} ثم إن الله سبحانه وتعالى أخزى هؤلاء المكذبين وعذبهم في الدنيا، وكذلك سيعذبهم الله سبحانه وتعالى يوم القيامة وسيكون ذلك أشد وأخزى لهم.

  {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ٢٦} ولو أنهم كانوا يعلمون بهذا العذاب الذي سيحل بهم لحذروا⁣(⁣٣) الوقوع فيه، ولسعوا جهدهم في دفع نزوله بهم بعمل ما يرضي الله تعالى ورسوله.


(١) سؤال: هل هناك علة في جعل الفعل ثلاثياً هنا؟

الجواب: «أتى» الثلاثي بمعنى: جاء، و «آتى» الرباعي بمعنى: أعطى، وهنا أريد جاءهم العذاب.

(٢) سؤال: هل الخزي هذا هو غير العذاب المذكور في الآية السابقة حتى عطفه عليه؟ أم لا فما وجه المغايرة بينهما؟

الجواب: في الآية الأولى أخبر تعالى أن العذاب فاجأهم وصدمهم وهم في غفلة لا يتوقعونه، فتنخلع لمفاجأته قلوبهم وتطير عقولهم وتنهار قواهم وتدور عيونهم و ... إلخ، وهذا نوع من العذاب غير العذاب الذي تذوقه جلودهم وتحس حرارته أعضاؤهم وتخزى به نفوسهم. وبهذا تظهر المغايرة.

(٣) سؤال: ظاهر كلامكم أن جواب «لو» هنا محذوف، وهل يصح أن نقدره من الجملة قبله: «ولعذاب الآخرة أكبر» أو نجعله إياها أم لا؟

الجواب: لا يصح تقديره كما ذكرتم وإنما يقدر مفعول «يعلمون» مِمَّا قبله أي: لو كانوا يعلمون أن عذاب الآخرة أكبر، أما الجواب فهو يقدر كما ذكرنا، فإن من علم مخوفاً حذره.