محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة غافر

صفحة 36 - الجزء 4

  المشركين أنه الإله الذي يستحق العبادة وحده دون تلك الأصنام؛ لأنه وحده الذي تفرد بخلقهم وإيجادهم من العدم هم وغيرهم؛ فقد ابتدأ خلقهم من تراب، وذلك آدم وحواء، ثم بعد ذلك تناسلوا وتكاثروا من تلك النطفة التي يلقيها الرجل في رحم المرأة فتتحول هذه النطفة بقدرته إلى العلقة التي هي قطعة دم متجمدة، فتتكون هذه العلقة بقدرة الله تعالى إلى أن تصير إنساناً سوياً يتحرك ويمشي بقدرة الله تعالى، ثم إنه ينمو ويكبر إلى أن يبلغ أشده وقوته فيعمره الله سبحانه وتعالى إلى أن يصل أوان الشيخوخة والضعف، وكل ذلك تحت عناية الله سبحانه وتعالى ورعايته. ومعنى بلوغ الأشد: اكتمال العقل والقوة.

  {وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى} وبعضهم يتوفاه الله تعالى قبل أوان الشيخوخة والكبر، فقد جعل الله سبحانه وتعالى لكل نفس أجلاً سماه لها، ولا بد أن يستوفي كل امرئ أجله الذي قد كتبه له.

  {وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ٦٧} ينزل الله سبحانه وتعالى لعباده الآيات ويصرفها ويفصلها لهم ليعتبروا بها، ويتدبروا ويتفكروا فيها بعقولهم؛ ليعرفوا أن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقهم وبيده جميع أمورهم؛ لعلهم يرجعون إليه، ويتركون عبادة غيره من الآلهة التي يدَّعونها، وليعرفوا قدرته ومدى علمه وحكمته وعظمته.

  {هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٦٨}⁣(⁣١)


= أجلاً مسمى، ولأجل أن يوحدوه ويشكروه.

سؤال: هل يمكن أن نستوحي من الآية تحديد زمان الشيخوخة وكذا زمان بلوغ الأشد؟

الجواب: جاء تحديد بلوغ الأشد في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي ...}⁣[الأحقاف: ١٤]، فقد تحدد من هذه الآية أن بلوغ الأشد هو بلوغ أربعين سنة، وعليه فيكون بلوغ الشيخوخة هو ما بعد الأربعين، وقد قيل في تعريف الشيخ: إنه الذي بلغ خمسة وثلاثين عاماً أو سبعة وثلاثين.

(١) سؤال: هل يمكن أن يكون قضاء الله هنا بمعنى تقديره أن في ذلك الإحياء أو تلك الإماتة مصلحة فيكون متقدماً على نفس الإحياء والإماتة =