سورة غافر
  ثم ختم الآية بالحمد لله رب العالمين لوضوح برهان الدين الحق.
  {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ(١) الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ٦٦} ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يخبر قريشاً بأن جبريل قد نزل عليه بالوحي من عند الله تعالى، وأن من جملة ما نزل عليه أن الله تعالى أمره بعبادته والاستسلام له والانقياد، وقد نهاه عن عبادة آلهتهم التي يعبدونها من دون الله سبحانه وتعالى.
  {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ(٢) يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا}(٣) ثم أخبر الله سبحانه وتعالى
(١) سؤال: ما محل «أن أعبد» الإعرابي؟ وما إعراب: «لما جاءني»؟ وبِمَ تعلقت؟
الجواب: «أن أعبد» محله الجر بـ «عن» مقدرة، أو النصب على نزع الخافض. و «لما» ظرف زمان متعلقة بـ «نهيت». جاءني: جملة ماضوية محلها الجر بإضافة «لما» إليها.
(٢) سؤال: ما الوجه في اختصار الحديث عن أطوار خلق الإنسان هنا؟
الجواب: الوجه هو كون الكلام في الاستدلال على وحدانية الرب جل وعلا وبيان استحقاقه وحده للعبادة، وفي مثل هذا المقام يقول مرة: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ}[التغابن: ٢]، ومرة: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا ...}[الأنعام: ٢]، ومرة يقول: {خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ٤٥ مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ٤٦}[النجم]، ومرة: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}[النساء: ١]، ومثل هذا الاستدلال كاف في إقامة الدليل وبيان الحجة.
(٣) سؤال: فضلاً ما إعراب «طفلاً»؟ وما الذي عطف بـ «ثم» في قوله: «ثم لتبلغوا»؟ وإذا كانت اللام للتعليل فما هو المعلل بها؟ وهل قوله: «ولعلكم تعقلون» معطوف على ما عطف عليه «لتبلغوا أجلاً»؟ أم كيف؟
الجواب: «طفلاً» حال من الكاف في «يخرجكم»، والمعطوف بـ «ثم» محذوف تقديره: ثم يبقيكم لتبلغوا، فالمعلل باللام هو «يبقيكم» المقدر. «ولتبلغوا أجلاً» المعطوف محذوف دل عليه السياق، والتقدير: ويبقي بعضكم أحياءً لتبلغوا أجلاً مسمى. «ولعلكم تعقلون» معطوف على: لتبلغوا أجلاً مسمى»، والمعنى: أن الله تعالى فعل ذلك لأجل أمرين: لأجل أن يبلغوا =