محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الفاتحة

صفحة 23 - الجزء 1

  يعني: أنه المنعم بالنعم الظاهرة والخفية، ومن نعمه العظيمة الواضحة إنزال القرآن؛ ولذا قال تعالى في سورة الرحمن: {الرَّحْمَنُ ١ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ٢ خَلَقَ الْإِنْسَانَ ٣} يعني: إذا ذكر الرحمن فمعناه المنعم بالنعم الواضحة. {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ٤} يعني: النطق باللسان، والإفصاح عما في القلب. {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ٥} وهي من النعم العظيمة الظاهرة.

  واستفتاح القرآن وكل سورة من سوره بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} يشير إلى أن القرآن من النعم الواضحة، وأن القرآن رحمة عظيمة للناس؛ لأجل أن نعلم أن الله لم ينزل القرآن، ولم يرسل الرسل إلا لأجل رحمته العظيمة بالإنسان.

  و {الله}: يعني: الجامع لصفات الكمال، فهو في العلم والقدرة و ... إلخ هو وحده وكل شيء سواه ناقص، وهو وحده المنعم والمتفضل لا سواه، وهو الرزاق وحده لا قدرة لأحد غيره، ورزقه من السماء؛ فهو ينزل المطر وبسببه ينبت الشجر وهي تخرج الثمر، ومنها يأكل الناس والأنعام، فإن أمسك رزقه فمن يرزقنا.

  وقالوا: إن الاسم الأعظم هو في هاتين الآيتين: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ١٦٣}⁣[البقرة]، {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}⁣[البقرة: ٢٥٥]، وذلك دلالة على أن الاسم الأعظم في الفاتحة وفي أول آية الكرسي، ولا يوجد هناك اسم أعظم مخفي إذا دعي الله به أجاب⁣(⁣١)، وأسماء الله الحسنى كلها ظاهرة في القرآن،


(١) سؤال: يقال: ظاهر بعض أدعية أئمتنا $ توحي بأن الاسم الأعظم مخفي، فكيف يوجه ذلك؟

الجواب: توجيه ما ذكرنا أن الله تعالى عرف نفسه لعباده عن طريقين:

١ - عن طريق أفعاله وآياته التي خلقها في الكون.

٢ - عن طريق أسمائه الحسنى التي أنزلها في كتابه وعلى لسان رسوله ÷، ولكل اسم من أسمائه تعالى مفهوم يجب الإيمان به، والتصديق بمفهومه، ونسبته إلى الله.

ولا يخفى أن الإيمان والإذعان والتصديق بما سمى الله تعالى نفسه به في كتابه، وبما اشتمل عليه =