سورة محمد
  يداومون على أداء ما افترض الله تعالى عليهم ويعملون بما شرعه لهم منقادين مستسلمين له فإن الله سبحانه وتعالى سوف يكفر عنهم ما بدر منهم من السيئات، وسيغفر لهم ما اقترفوا من الذنوب، وسيصلح لهم جميع أحوالهم في الدنيا والآخرة(١).
  {ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ} ثم ذكر الله سبحانه وتعالى السبب في إحباط أعمال الكافرين وتعذيبهم وإثابة المؤمنين وتكفير سيئاتهم، أما الذين كفروا فلأنهم اتبعوا الباطل والضلال
= العصيان وسيئاتها، ولم يرد المعاصي والسيئات التي فعلوها بعد الإسلام والإيمان بدليل «كفر» الفعل الماضي.
(١) سؤال: يرى بعض الناس عدم صلاح حال بعض المؤمنين في الدنيا فيتشكك في مثل هذه الآية فكيف نجيب عليه؟
الجواب: الدنيا دار ابتلاء واختبار ولم يصلح الله تعالى حال النبي والمؤمنين الذين نزلت فيهم الآية أولاً إلا بعد طول البلاء عليهم وطول الخوف والشدائد والفقر والظلم الخانق، وقد قتل بعضهم تحت التعذيب وذلك معلوم مشهور، وقد قال تعالى للمؤمنين بعدما أنقذهم الله من ظلم قريش بالهجرة إلى المدينة: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ١٥٥ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ١٥٦ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ١٥٧}[البقرة]، لذلك نقول إن المراد - والله أعلم - بإصلاح بال المسلمين وإصلاح دنياهم وشؤونهم في الدنيا هو توفيق الله تعالى لهم إلى المحافظة على دينهم والسلامة من الفتنة فيه وإنزال السكينة والطمأنينة والأمن في قلوبهم والرضا عن الله بما ابتلاهم به فهم في دنياهم آمنون مطمئنون لا يحزنهم ما حل بهم من البلاء، ولا يقلقهم ما هم فيه من الخوف والفقر؛ لثقتهم بوعد الله وثوابه، وبأن ما فاتهم في الدنيا سيلقونه في الآخرة؛ لحسن ظنهم بالله وبوعده وبثوابه، فهم يحتسبون ما لحقهم من الأذى والشدائد عند الله، ويطمحون بأبصارهم إلى ما وراء الحياة الدنيا من الثواب العظيم في جنات النعيم.