محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الفتح

صفحة 229 - الجزء 4

  أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ٢٤} نزلت هذه الآية بعد الحديبية بنحو من سنتين وذلك عندما دخل النبي ÷ مكة فاتحاً لها، وقد ألقى الله سبحانه وتعالى عند ذلك في قلوب المشركين الخوف والرعب من النبي ÷ ومن معه حتى استسلموا لهم من دون قتل أو قتال، وقيل إن ذلك يوم الحديبية⁣(⁣١).

  {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ}⁣(⁣٢) أراد الله سبحانه وتعالى بهم أهل مكة، فهم الذين قاموا في وجه دعوة النبي ÷ ومنعوه وأصحابه من زيارة البيت الحرام في يوم الحديبية، ومنعوا الهدي الذي ساقه النبي ÷ إلى مكة، وكان قد ساق سبعين جملاً هدايا للبيت، فمنع المشركون الهدي أن يصل مكة، فأخبر⁣(⁣٣) الله سبحانه وتعالى بأن المشركين قد استحقوا بذلك القتل غير أن حكمة الله تعالى قد اقتضت أن لا يقاتلهم النبي ÷ في مكة.


= تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ٢٥}.

(١) سؤال: يقال: قد يشكل على هذا قوله: «ببطن مكة» ويوافقه أنهم منعوا الهدى عن الوصول إلى مكة المفهوم مما بعد ذلك فكيف ذلك؟

الجواب: هذه الآية جاءت لبيان أن المشركين قد كانوا مستحقين للقتل والقتال لولا ما علمه الله تعالى من المصلحة في كف أيدي المسلمين عن قتالهم وقتلهم.

(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب قوله: «والهدي معكوفاً أن يبلغ محله»؟

الجواب: والهدي: منصوب بالعطف على مفعول «صدوكم» أي: وصدوا الهدي. معكوفاً: حال من الهدي. أن يبلغ محله: في محل جر أي: عن بلوغ محله متعلق بـ «صدوكم» أو بـ «معكوفاً» أي: محبوساً عن بلوغ محله.

(٣) سؤال: من أين نستنتج هذا؟

الجواب: الآية هذه جاءت لبيان العلة والسبب الذي يستحقون به القتل ولولا ما علمه الله من المصلحة لسلط رسوله والمؤمنين على قتلهم، وقد بين بعدها العلة في كف أيدي المؤمنين: «ولولا ..».