سورة الفتح
  أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ٢٤} نزلت هذه الآية بعد الحديبية بنحو من سنتين وذلك عندما دخل النبي ÷ مكة فاتحاً لها، وقد ألقى الله سبحانه وتعالى عند ذلك في قلوب المشركين الخوف والرعب من النبي ÷ ومن معه حتى استسلموا لهم من دون قتل أو قتال، وقيل إن ذلك يوم الحديبية(١).
  {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ}(٢) أراد الله سبحانه وتعالى بهم أهل مكة، فهم الذين قاموا في وجه دعوة النبي ÷ ومنعوه وأصحابه من زيارة البيت الحرام في يوم الحديبية، ومنعوا الهدي الذي ساقه النبي ÷ إلى مكة، وكان قد ساق سبعين جملاً هدايا للبيت، فمنع المشركون الهدي أن يصل مكة، فأخبر(٣) الله سبحانه وتعالى بأن المشركين قد استحقوا بذلك القتل غير أن حكمة الله تعالى قد اقتضت أن لا يقاتلهم النبي ÷ في مكة.
= تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ٢٥}.
(١) سؤال: يقال: قد يشكل على هذا قوله: «ببطن مكة» ويوافقه أنهم منعوا الهدى عن الوصول إلى مكة المفهوم مما بعد ذلك فكيف ذلك؟
الجواب: هذه الآية جاءت لبيان أن المشركين قد كانوا مستحقين للقتل والقتال لولا ما علمه الله تعالى من المصلحة في كف أيدي المسلمين عن قتالهم وقتلهم.
(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب قوله: «والهدي معكوفاً أن يبلغ محله»؟
الجواب: والهدي: منصوب بالعطف على مفعول «صدوكم» أي: وصدوا الهدي. معكوفاً: حال من الهدي. أن يبلغ محله: في محل جر أي: عن بلوغ محله متعلق بـ «صدوكم» أو بـ «معكوفاً» أي: محبوساً عن بلوغ محله.
(٣) سؤال: من أين نستنتج هذا؟
الجواب: الآية هذه جاءت لبيان العلة والسبب الذي يستحقون به القتل ولولا ما علمه الله من المصلحة لسلط رسوله والمؤمنين على قتلهم، وقد بين بعدها العلة في كف أيدي المؤمنين: «ولولا ..».