سورة الفتح
  {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ(١) بِغَيْرِ عِلْمٍ}(٢) ثم أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ عن السبب في كف أيدي المسلمين عن قتال أهل مكة، فذكر أن بين أوساط مشركي مكة رجالاً مؤمنين ونساءً مؤمنات لا يعلمهم النبي ÷ وأصحابه فكف الله تعالى أيديهم عنهم مخافة أن يطئوهم بخيلهم ورجالهم، ويقتلوهم عن طريق الخطأ فيلحقهم تبعات ذلك، والذي منع هؤلاء المؤمنين عن الخروج من بين أوساط المشركين والهجرة إلى النبي ÷ فهو(٣) ما كانوا عليه من الضعف وقلة الحيلة، وعدم تمكنهم من التخلص من بين أيدي المشركين.
  {لِيُدْخِلَ(٤) اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ(٥) تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ٢٥} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن هؤلاء المؤمنين لو كانوا خرجوا من بين أوساط المشركين أو انحازوا منهم إلى ناحية وجانب لعذب
(١) سؤال: فضلاً ما نوع اسمية «معرة»؟ ومم أخذت؟
الجواب: «معرة» مأخوذ من معرة الجيش إذا دخلوا فأفسدوا، وفعلها عره يعره، وهي مصدر.
(٢) سؤال: لو تكرمتم بإعراب هذه الآية مع إعراب جملها وبيان جواب «لولا»؟
الجواب: «لولا» حرف امتناع لوجود، «رجال» مبتدأ، «مؤمنون» صفة للمبتدأ، «ونساء مؤمنات» عطف على المبتدأ وصفته، «لم تعلموهم» في محل رفع صفة لرجال ونساء جميعاً غلب فيه الرجال، «أن تطؤوهم» في تأويل مصدر مرفوع بدل من المبتدأ، وخبر المبتدأ محذوف أي: موجودون، وجواب «لولا» محذوف أيضاً أي: لعذبناهم بالقتل والجرح والأسر. «فتصيبكم» معطوف على «أن تطؤوهم». «معرة» فاعل. «بغير علم» متعلق بمحذوف صفة لمعرة.
(٣) سؤال: فضلاً من أين فهمنا هذا؟
الجواب: فهم ذلك من حيث أن الله قد قال فيمن ليس له عذر في ترك الهجرة: {مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا}[الأنفال: ٧٢]؛ لذلك فلا حرمة إلا للمعذور.
(٤) سؤال: بمَ تعلق هذا التعليل؟
الجواب: هذا علة لمقدر وهو ما دل عليه كف الأيدي أي: كان انتفاء تسليطكم عليهم ليدخل الله.
(٥) سؤال: هل هذه بدل من «لولا» ومدخولها أم ماذا؟
الجواب: «لو تزيلوا لعذبنا ...» جملة مستأنفة، وليست «لو» بدلاً من «لولا» لاختلاف مدلوليهما.