سورة ق
  ولكن المشركين كفروا بهذا القرآن المجيد الذي أقسم الله سبحانه وتعالى به، وأعرضوا عنه أشد الإعراض، وكفروا بهذا النبي الذي أرسله الله سبحانه وتعالى إليهم وتعجبوا كيف يكون رسولاً وهو واحد منهم؛ وكانوا يزعمون أنه لا يصح أن يرسل الله تعالى نبياً إلا من الملائكة أو من جنس غير جنس البشر.
  {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ(١) رَجْعٌ بَعِيدٌ ٣} ثم استنكروا عليه وتعجبوا مما جاءهم به وحذرهم منه، من أمر البعث والحساب، وقالوا كيف يصح أن ترجع تلك العظام البالية إلى الحياة مرة أخرى وتحيا من جديد؟ وزعموا أن ذلك مستحيل.
  {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ٤} ثم رد الله سبحانه وتعالى عليهم بأن باطلهم وشركهم قد أوشك على الزوال والاضمحلال، وأن الأرض ستطهر منهم ومن شركهم شيئاً فشيئاً، وأن الإسلام سيقضي(٢) عليهم ويطهر الأرض منهم.
  {بَلْ(٣) كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ٥} وطبيعتهم التكذيب
(١) سؤال: ما الوجه في سقوط الفاء من جواب الشرط؟ وما الوجه في حذف عطف البيان والبدل بعد اسم الإشارة «ذلك»؟
الجواب: الجواب محذوف غير مذكور تقديره: نبعث. ولم يستدع الكلام عطف البيان بعد الإشارة؛ لأن الخبر يدل على المشار إليه ولو ذكر لكان: ذلك الرجع رجع بعيد؛ فيحصل تكرار لا فائدة منه، وذلك مستكره في البيان.
(٢) سؤال: قد يقال: فما الوجه في إسناد النقص إلى الأرض بخلاف قوله: {نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا}[الرعد: ٤١]؟
الجواب: الإسناد إلى المكان فن من فنون الكلام وباب من أبواب البلاغة، وهاهنا قد أسند الفعل إلى المكان للوجه الذي ذكرنا، وفي الواقع أن الله تعالى هو الفاعل للنقص.
(٣) سؤال: فضلاً ما معنى الإضراب هنا؟ وما إعراب «لما»؟
الجواب: الإضراب يدل على أنهم جاءوا بأعجب مما عجبوا منه في قوله: «بل عجبوا ..». «لما» ظرف لما مضى من الزمان أي: حين جاءهم.