سورة الذاريات
  {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ٧ إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ٨} ثم أقسم الله تعالى للمشركين مرة أخرى بالسماء ذات الحبك أي المحكمة في بنائها(١) إنهم مكذبون بأمر البعث والحساب، وبالتوحيد وبأمر النبي ÷، وإن كلاً منهم يقول فيه بقول من التكذيب كقولهم: كيف يحيي العظام وهي رميم؟ وفي النبي ÷ بأنه ساحر أو مجنون أو ... ، ولو نظروا وتفكروا في السماء وما فيها من آيات قدرة الله وقوته لعلموا أن الله قادر على بعث الناس بعد موتهم ولما استبعدوا ذلك.
  {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ٩}(٢) يعني يصرف عن أمر البعث والحساب من صرف ويعرض عنه من أعرض فالله(٣) سبحانه وتعالى غير مبال بتكذيبهم، ولا محتاج إلى تصديقهم، وإنما هم الذين سيتحملون إثم تكذيبهم على ظهورهم.
  {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ١٠ الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ(٤) سَاهُونَ ١١} أي: لعن الخراصون وهم الكذابون، وقد شبه الله سبحانه وتعالى حالهم في غفلتهم عما جاءهم به نبيهم ÷ من التحذير والإنذار بمن هو مغمور وسط الماء فلا يسمع ما يحصل حوله من الكلام.
(١) سؤال: يقال: ظاهر الْحُبُك أنها جمع فهل من المناسب حملها على ذات الطرائق للكواكب؟
الجواب: قد فسر في مختار الصحاح الحبك بما ذكرتم وفسرها أيضاً أي: مادة (ح ب ك) يحبك الثوب أجاد نسجه وبابه ضرب، وقال ابن الأعرابي: كل شيء أحكمته وأحسنت عمله فقد احتبكته وفي الحديث: أن عائشة كانت تحتبك تحت الدرع في الصلاة أي: تشد الإزار وتحكمه. اهـ (مختار الصحاح). فهذا هو الذي دعانا إلى تفسير الحبك بإحكام الصنعة؛ لأنه لا يظهر في السماء خطوط كخطوط الرمل والماء إذا ضربته الرياح.
(٢) سؤال: هل يستعمل «أفك» مبنياً للمعلوم أم لا يستعمل إلا مغير صيغة؟
الجواب: الظاهر أنه يستعمل بالوجهين يقال كما في مختار الصحاح: أفِك يأفَك «لتأفكنا».
(٣) سؤال: فضلاً من أين نفهم نحو هذا المقدر؟
الجواب: فهم من مواضع أخرى نحو قوله تعالى: {وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا}[فصلت: ٤٦].
(٤) سؤال: ما يكون محل الجار والمجرور هنا؟
الجواب: يكون محله الرفع خبر ثان.