سورة الحديد
  {هُوَ الْأَوَّلُ(١) وَالْآخِرُ} وهو الأول الذي لا شيء قبله(٢)، والآخر الذي لا يبقى شيء معه، وسيفنى كل شيء ويزول ولن يبقى إلا هو وحده.
  {وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} هو الظاهر لأهل العقول بما بثه من الآيات التي من نظر فيها عرف وتيقن أنه لا بد من إله خالق ومدبر حكيم، وبآثار قدرته التي نراها تدل عليه وتشهد بوجوده وتنادي بظهوره؛ ومهما وهناك أثر فلا بد له من مؤثر أثر فيه ومدبر دبره.
  وهو الباطن عن رؤية الأبصار له، فلا تستطيع أن تدركه أو تراه؛ لأنه ليس مما يرى أو يدرك، ولن يعرف إلا بآياته، وآثار قدرته ومظاهر رحمته وآيات علمه وحكمته.
  {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٣} وعلمه محيط بكل شيء فلا تخفى عليه خافية، أو يغيب عن علمه شيء، لا في السماء ولا في الأرض.
  {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} وهو وحده المتفرد بخلق السماوات والأرض، وقد أراد بخلقه لهما في ستة أيام - أنه خلقهما على مراحل عدة على حسب مقتضى(٣) الحكمة، وإلا فهو قادر على خلقهما وإيجادهما في لحظة واحدة.
(١) سؤال: ما الوجه في فصل هذه الجملة الاسمية عن سابقتها؟
الجواب: هو ما ذكرناه أولاً.
(٢) سؤال: كيف نرد على من قال: اللازم الاقتصار على هذا الوصف في حق الله، ولا نستبدله بما يؤدي معناه مثل: «قديم، لا أول لوجوده»، ونحو ذلك؟
الجواب: يقال له: لا نريد بقولنا: «قديم، لا أول لوجوده» إلا الشرح والترجمة لمعنى «الأول»، فإذا صح وجاز إطلاق الأول عليه تعالى فيصح إطلاق ما هو بمعناه وما هو بمنزلة التفسير له والترجمة عنه.
(٣) سؤال: هل يظهر لنا شيء من الحكمة التي روعيت في مدة الستة الأيام فأوردوا لنا شيئاً من ذلك جزيتم خيراً؟
الجواب: قد ظهر شيء من الحكمة في قوله تعالى في سورة (ق): {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ٣٨ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ ...} الآية، فأمر الله تعالى =