محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الحديد

صفحة 355 - الجزء 4

  {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} يعني سيطر على خلقه وملكه ذلك بقدرته؛ إذ لم يخلق ذلك ثم يتركه هملاً، وقد استولى عليه بعلمه وقدرته، ولذا قال بعد ذلك⁣(⁣١): {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ٤} فهو عالم بكل ما اختفى وتوارى في باطن الأرض، وكذلك عالم بما يخرج من باطنها من الأشجار والأثمار، وكذلك عالم بكل ما ينزل من السماء من قطر الأمطار قطرة قطرة، وأين تنزل؟ وكذلك عالم بكل ما يصعد إلى السماء ويعرج فيها من الأعمال والملائكة، وما يدور في أرجائها، وكذلك أنتم أيها الخلق فهو عالم بكل واحد منكم أينما كان في ظاهر الأرض أم في باطنها، وهو مطلع على أعمالكم، وما في ضمائركم لا تخفى عليه منكم خافية وسيجازيكم على كل صغيرة وكبيرة من أعمالكم.

  {لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ٥} ومرجع الخلائق جميعاً سيكون إليه يوم القيامة، ولا بد أن يبعثكم أيها الناس ويحاسبكم ويجازيكم.

  {يُولِجُ⁣(⁣٢) اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ٦}⁣(⁣٣) وهو الذي يدخل بقدرته الليل في النهار، يدخل ساعات منه في


= نبيه ÷ بالصبر وعدم الاستعجال ورتب ذلك الأمر على سنته في عدم الاستعجال في خلقه للسموات والأرض وما بينهما.

(١) سؤال: لعلكم تريدون أن جملة «يعلم ما يلج ... إلخ» استئنافية مسوقة لبيان كيفية استيلائه على العرش؟ أم ماذا؟

الجواب: نعم، جملة «يعلم ..» مسوقة لبيان استيلائه وسيطرته على الملك.

(٢) سؤال: ما محل هذه الجملة المضارعية؟

الجواب: لا محل لها من الإعراب، وهي من الجمل المعدودة التي ذكرنا سابقاً.

(٣) سؤال: ما الحكمة في تذييل هذه الآية بقوله: «هو عليم بذات الصدور»؟

الجواب: يمكن أن تكون من أجل أن يردف عظيم قدرته بنفوذ علمه في البواطن والأسرار مع ما في ذلك من التحذير للمنافقين والتهديد لهم.