سورة التحريم
  عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} وأخبره أيضاً أنه استكتمها على بعض أسراره، وأمرها أن لا تطلع عليه أحداً فخالفت أمره وأذاعت سره، فاستنكر النبي ÷ على حفصة إذاعتها لسره هذا، وعاتبها وأطلعها على بعض ما أفشته وتغاضى وسكت عن بعضه مراعاة لها. ومعنى «وأظهره الله عليه»: أطلعه الله على إفشائه.
  {فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ(١) هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ٣} وذلك أنها استغربت وتعجبت عندما أطلعها النبي ÷ على ما أذاعته من سره، فسألته من الذي أخبرك بكل ذلك؟ فأجابها بأنه الله العليم الخبير الذي لا تخفى عليه خافية.
  {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ثم أوحى الله تعالى إلى نبيه ÷ أن يخبرهما بأنهما قد زاغتا عن الحق، وقد خرجتا عن طريق الصواب، وأنه يجب عليهما التوبة من ذلك.
  {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ٤}(٢) وأن يخبرهما بأنهما إن تشاركا على ما يسوؤه وتعاونتا على أذيته وإلحاق الضرر به فإن الله تعالى لن يمكنهما منه وسيظهره عليهما، فهو ناصره وحافظه، وسيؤيده بجبريل والملائكة تحرسه، وسيجعل حوله من ينصره ويدافع
(١) سؤال: ما الوجه في تسليط «أنبأ» على المفعول الثاني «هذا» وفي «نبّأها» بواسطة حرف الجر «به»؟
الجواب: في ذلك دليل على جواز تعدية «نبأ» إلى المفعول الثاني بالباء، والذي رجح المجيء بالباء هنا هو تحسين اللفظ؛ إذ لولا الباء لاجتمعت الهاء عند الهاء فتكون «نبأهاه» فيحصل الثقل لاجتماع ثلاثة من حروف الحلق: الهمزة والهاءان، والألف فاصل ضعيف.
(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب «تظاهرا»؟ وما محل جملة «والملائكة بعد ذلك ظهير»؟
الجواب: «تظاهرا» مضارع مجزوم بـ «إن» الشرطية وعلامة جزمه حذف النون والألف فاعل، وجملة: {وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ٤} لا محل لها من الإعراب معطوفة على جملة: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ} وهذه الجملة ليست جواب الشرط «إن تظاهرا عليه» بل الجواب محذوف أي: يجد ناصراً.