سورة الملك
  الإتقان والإحكام من أصغر مخلوق إلى أكبر مخلوق في السماوات والأرض.
  {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ٣} ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ - أو يكون المأمور أنت أيها المكلف - بأن يردد بصره وينظر في السماء هل سيجد فيها أي فطور أو تشقق، أم أنها في غاية الإحكام والإبداع؟
  {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ(١) يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ٤} وأمر تعالى أيضاً بتكرير النظر في السماوات هل يجد فيها نقصاً أو عيباً؟ ولكن مهما كرر الناظر نظره فلن يجد عيباً أو نقصاً. ومعنى «خاسئاً»: صاغراً منكسراً لعدم وجدان أي عيب، و «هو حسير»: أي: كليل قد نفدت قواه من التعب.
  {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا(٢) بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ}(٣) ثم أخبر الله سبحانه وتعالى عباده بأنه الذي زين لهم السماء بتلك الكواكب والنجوم الزاهرة والمضيئة كالقمر والشمس والزهرة والمشتري وعطارد، وأخبرهم أنه خلقها في السماء الدنيا زينة لها، ولحراسة السماء من الشياطين التي تصعد لاستراق السمع وما يجري بين الملائكة في الملكوت الأعلى، فإذا هَمّ شيطان بذلك قذفه الله تعالى بقطعة نار من تلك النجوم حتى تدحره وتطرده.
(١) سؤال: فضلاً ما إعراب «كرتين»؟ وهل المراد العدد نفسه (مرتين) أم المرة بعد المرة ولو كثيراً؟
الجواب: «كرتين» مفعول مطلق مبين للعدد، والمراد التكرار لا مرتين اثنتين.
(٢) سؤال: هل المراد بالدنيا السفلى التي نراها كالقبة على أرضنا أم ماذا؟
الجواب: نعم المراد بها السفلى من السماوات الدانية إلى الأرض التي ترى في العين كالقبة.
(٣) سؤال: ظاهر الآية أن الكواكب (الشمس والزهرة ... إلخ) هي الرجوم للشياطين ولم يعهد أنها ترجم بالكوكب نفسه فكيف؟ وما نوع اسمية «رجوماً» إذا كان ذلك يساعدنا في فهم المعنى؟
الجواب: «رُجُوماً» سمي به ما يُرْجَم به، وهو في الأصل جمع رَجْم، ورَجْمٌ مصدر، ولا يرمى بالكوكب نفسه وإنما يقتبس منه شعلة من نار فيرمى بها الشياطين بدليل: {يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ٩}[الملك]، والشهاب شعلة من نار، ويطلق الشهاب أيضاً على الكوكب أي: أنه يطلق على الشعلة وعلى الكوكب كما ذكروا.