محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الملك

صفحة 475 - الجزء 4

  {وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ٥} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى بأنه قد أعد لهؤلاء الشياطين العذاب الشديد في نار جهنم لتمردهم عليه وخروجهم عن طاعة أوامره، وجزاءً على ما يسترقونه من السمع.

  {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ٦ إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا⁣(⁣١) وَهِيَ تَفُورُ ٧ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ⁣(⁣٢) ٨ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ⁣(⁣٣) أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ ٩ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ⁣(⁣٤) مَا كُنَّا


(١) سؤال: كيف نجمع بين هذا المدلول ومفهوم قوله تعالى: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ١٢}⁣[الفرقان]، فظاهره أنهم يسمعون أصواتها قبل إلقائهم فيها؟

الجواب: تعارض مفهوم: {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا ...} مع منطوق: {إِذَا رَأَتْهُمْ ...} وفي مثل هذا التعارض يعمل بالمنطوق ويترك المفهوم ولا يعمل به حيث أن المنطوق أقوى دلالة من المفهوم.

سؤال: هل هناك معنى حقيقي لشهيق النار الذي هو سحب النفس وإخراجه بشدة؟ أم أنه تشبيه؟

الجواب: شبه صوت لهب النار بشهيق نحو الحمار الذي هو شدة صوت نَفَسِه عند التنفس فحذف المشبه وأقيم المشبه به مكانه، ويسمى هذا بالاستعارة التصريحية.

(٢) سؤال: هل يشمل قوله: «ألم يأتكم نذير» الواعظين والدعاة إلى الله من غير الأنبياء أم لا؟ ولماذا؟

الجواب: نعم يشملهم اسم النذير، وتقوم بهم الحجة على الناس، «وما يبلغ عن الله بعد رسل السماء إلا البشر» وبعد فالدعاة إلى الله إنما يبلغون أحكام الله وشرائعه ومواعظه التي جاء بها رسول الله ÷ من عند الله.

(٣) سؤال: ما وجه فصل: «إن أنتم إلا في ضلال» عن سابقتها؟

الجواب: كأنها فصلت لأنها تأكيد للجملة السابقة؛ لأن المعنى واحد في الجملتين.

(٤) سؤال: ما الوجه في التخيير بين السمع والعقل ولعلهما بمعنى واحد؟

الجواب: وجه التخيير أنه لو حصل أحد الأمرين إما أنهم سمعوا ما أنذروا به سماع تدبر وتفهم لما كانوا من أصحاب السعير، وإما أنهم نظروا بعقولهم فيما هم عليه من الشرك والباطل والفحشاء والمنكر لعلموا بطلانه وتركوه ومالوا إلى الدين الحق.