سورة الملك
  {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ٢٨} هلاك النبي ÷ والمؤمنين الذي تتوقعونه أيها المشركون إن حصل على سبيل الفرض فمن هو الذي سيدفع عنكم عذاب الله الشديد حين ينزل بكم، فلا مجال لكم ولا منجا ولا مهرب من عذاب الله تعالى حتى ولو توفاه الله تعالى إليه، ولا بد أن يلحقكم ذلك العذاب.
  {قُلْ هُوَ(١) الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا} النبي ÷ ومن معه من المؤمنين لن يعبدوا غير الله تعالى، ولن يسندوا ظهورهم إلا إليه، ولن يتوكلوا إلا عليه؛ لأنه وحده المختص بالرحمة الواسعة بعباده.
  {فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٢٩} كانوا يقولون بأن محمداً قد ضل وخرج عن الهدى؛ فأمره الله سبحانه وتعالى أن يخبرهم بأن ينتظروا ويتمهلوا، وسيعلمون عما قريب من الذي ضل عن الحق، وخرج عن سواء الطريق.
  {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا(٢) فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ٣٠}(٣)
(١) سؤال: إلام يعود هذا الضمير؟ وما محل جملة «آمنا به»؟
الجواب: هو عائد إلى مبهم في الذهن يبينه الخبر «الرحمن»، فالرحمن بيان للمبهم في الذهن. ومحل «آمنا به» الرفع خبر ثان.
(٢) سؤال: ما نوع اسمية «غوراً»؟ وكيف أخبر بها وهي معنىً عن الذات (ماؤكم)؟
الجواب: «غوراً» مصدر. وصح الإخبار به للمبالغة والأصل: غائراً.
(٣) سؤال: ما المناسبة في ختم هذه السورة المباركة بهذا السؤال الذي قد يبدو مُقْتَضَباً بالنسبة لما قبله؟
الجواب: هذا السؤال الذي ختمت به السورة ليس مُقْتَضَباً عما قبله بل هو متصل ومربوط بما قبله، فالسورة من أولها إلى آخرها تهاجم بحججها المشركين ودين الشرك، فقبل هذه الآية قوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ} وقبلها: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ} ... إلخ، فكلها سياق واحد وإن تنوعت الحجج واختلفت فكلها براهين وحجج على المشركين قوية ومقنعة للعقل، وكان آخرها هذا السؤال المناسب لتمام السورة ونهايتها من حيث أن في غور الماء نهاية الحياة.