محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة القلم

صفحة 486 - الجزء 4

  لما كان يتحلى به من الصبر وقوة التحمل وكظم الغيظ، وما تحلى به من الخلق العظيم والحلم عمن أساء إليه أو آذاه، من دون أن ينهره أو يرد عليه، أو حتى يُقَطِّب وجهه فيه، ولما كان عليه من التواضع والرفق والرحمة بعموم الناس، ولما كان عليه من حسن المعاملة ومداراة الناس والإحسان إلى الخاصة والعامة.

  {فَسَتُبْصِرُ⁣(⁣١) وَيُبْصِرُونَ ٥} فستبصر يا محمد نصر الله تعالى وتأييده لك، وإظهار دينك على جميع أديانهم، وهم سيبصرون جزاء كفرهم وتكذيبهم وتمردهم، وسيرون عاقبة أمرهم، وسيشهدون نصر الله يقهرهم ويذلهم.

  {بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ ٦} وستعلم يا محمد وسيعلم أولئك المشركون من الذي دخل في الفتنة وافتتن عن دينه، أنت أم هم؟


= التوكيد على الجار والمجرور بعد أن كانت داخلة على الاسم الذي قبلها هو مجيء «إن» فلما تزاحمت اللام وإنّ بدخولهما على الاسم تزحلق اللام إلى الجار والمجرور.

والذي يمكن أن نستوحيه من هذه الآية:

١ - الصبر في الدعوة إلى الله.

٢ - تحمل الأذى في سبيل الدعوة، وتحمل التعب والنصب.

٣ - يتدرع الدعاة إلى الله ثوب الحلم والعفو، بل يكون شأنه الإحسان إلى المسيء والمحسن.

٤ - أن يكون في الغاية من التواضع للصغير والكبير وللشريف والوضيع، ولا يطلب لنفسه مكانة أو رفعة.

٥ - أن يستعمل الرفق والشفقة والرحمة، ويعود المريض ويشهد الجنازة، ويجيب الدعوة، ويغمض عما يرى من هفوات.

(١) سؤال: ما معنى الفاء هنا؟ وهل المعمول في الآية محذوف أم له تعلق بقوله: «بأيكم المفتون»؟ وهل الباء في قوله «بأييكم» على بابها فكيف تحليل المعنى؟ أم لا فما معناها؟

الجواب: الفاء هي الفصيحة، وقوله «فستبصر» معلق عن العمل بالاستفهام. «بأيكم المفتون» جملة من مبتدأ وخبر محلها النصب بالفعل المعلق. والباء ظرفية أي: في أيكم الفتنة.